سرشناسه : سبحانی تبریزی،جعفر
عنوان و نام پديدآور : مناسک الحج و احکام العمرة/ مطابق لفتاوی جعفرالسبحانی.
مشخصات نشر : قم: موسسه امام صادق (ع)، 1428ق.= 2006م.= 1385.
مشخصات ظاهری : 200 ص.
وضعیت فهرست نویسی : برون سپاری
يادداشت : عربی
يادداشت : کتاب حاضر با عنوان "مناسک حج و احکام عمره" به فارسی توسط موسسه امام صادق (ع) منتشر شده است.
یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس.
عنوان دیگر : مناسک حج و احکام عمره.
موضوع : حج
موضوع : حج عمره
موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه
رده بندی کنگره : BP188/8/س28م8043 1385
رده بندی دیویی : 297/357
شماره کتابشناسی ملی : 1160525
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الّذي جعل الكعبة البيت الحرام قياما للناس، و جعل الحج موسما للعبادة، و فرصة لالتقاء المسلمين الوافدين من كلّ صقع و صوب ليتعارفوا و يتعرّفوا على معالم دينهم، و يطّلع على أحوال بعضهم بعض.
قال الإمام الصادق عليه السّلام: «و جعل فيه الاجتماع من المشرق و المغرب ليتعارفوا و لتعرف آثار رسول اللّه و تعرف أخباره و لا تنسى، و لو كان كلّ قوم إنّما يتّكلون على بلادهم و ما فيها هلكوا و خربت البلاد و سقط الجلب و الأرباح، و عميت الأخبار، و لم يقفوا على ذلك، و ذلك علّة الحج». «1»
و الصلاة و السلام على من علّم الناس مناسك الحج بعد ما اندرست، و أرشدهم إلى معالمه و مآثره بعد ما عطّلت، و على آله الذين أتمّوا الحجّة و علّموا الأمّة، صلاة دائمة زاكية.
أمّا بعد: فهذه رسالة موجزة في مناسك الحج و أحكامه،
______________________________
(1). بحار الأنوار: 99/ 33، نقلا عن علل الشرائع للصدوق.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 8
و الحج كثير المسائل، متشعّب الفروع، وافر المقاصد، جمّ المطالب،
و أكثر مسائله غير مأنوس و لا متكرر.
روى زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلني اللّه فداك، أسألك في الحج منذ أربعين عامّا فتفتيني؟ فقال عليه السّلام: «يا زرارة بيت يحجّ إليه قبل آدم بألفي عام تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاما». «1»
و لذا عزمنا على إفراد مسائل الحج في هذه الرسالة، و تقديمها للإخوة المؤمنين بعبارة واضحة عسى أن ينتفعوا بها، و أكون مشاركا لهم في الثواب.
*** بسمه تعالى العمل برسالة مناسك الحج و أحكام العمرة مجزى و مبرئ للذمة إن شاء اللّه تعالى جعفر السّبحاني رجب المرجب 1428
______________________________
(1). الوسائل: 8، الباب 1 من أبواب و جوب الحج و شرائطه، الحديث 12.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 9
و هذا ما يطلق عليه «حجّة الإسلام». و سنذكر معنى الاستطاعة في المسائل الآتية.
و لا يجوز التأخير، و لو أخّر في سنة الاستطاعة تجب المبادرة إليه في السنة التالية، و هكذا.
و هي تختلف حسب الظروف، ففي زماننا هذا يجب عليه مثلا: تهيئة مستلزمات السفر، كجواز السفر، و البطاقة الصحية و أشباه ذلك. فلو سعى إلى الحصول عليها و لم يتم له الحجّ، كشف عن عدم وجوب الحج عليه في تلك السنة، فإن بقيت الاستطاعة المالية و البدنية إلى السنة القادمة وجب عليه الحج أيضا، و هكذا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 10
يجب الحج عند توفّر شروط هي:
فلا يجب الحج على الصبي و المجنون، لكونهما غير مكلّفين.
و لكن لا يغني عن حجّة الإسلام، فلو بلغ و استطاع يجب عليه الحج.
فيحسب حجّه حجة الإسلام و يجزئه عنها.
صحّ حجّه و أجزأه عن حجة الإسلام إلّا إذا قيّد حجّه بالاستحباب على نحو لو لاه لما أحرم و حجّ، فلا يحكم عليه بالصحة، و مثله فرض نادر.
و ينوي الولي نيابة عنه
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 11
و يلبّي مكانه، و يعينه على أداء ما يقدر عليه من أعمال الحج، و ينوب عنه فيما لا يقدر عليه، فيطوف به حول البيت و يسعى به في المسعى و يقف به في عرفات و المشعر الحرام و يذهب به إلى منى و يأمره برمي الجمرات و الحلق أو التقصير إلى أن يتم أعمال الحج كافّة.
نعم يجوز للأم الّتي تتكفّل بأمور الطفل غير المميّز أن تحرم به، و الأحوط الاستجازة من ولي الطفل في إحرامه.
و لو ارتكب المحرّم بمرأى و مسمع من الولي لا تجب الكفّارة على الولي، إلّا إذا صاد صيدا فإنّ كفّارته على وليّ الطفل.
و كذلك كفّارة الصيد، و أمّا الكفّارات الّتي تجب عند الإتيان بموجبها، فالظاهر عدم وجوبها لا على الصبي و لا على وليّه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 12
لا يجب الحج على المملوك و لو كان مستطيعا و مأذونا من قبل مولاه، و لو عتق فشأنه كشأن الآخرين.
و نعني بها الاستطاعة من حيث صحة البدن و قوته، و توفر المال، و تخلية السرب و سلامته، و سعة الوقت و كفايته.
المقصود بالاستطاعة البدنية أن يكون صحيحا غير عليل على نحو يتمكّن فيه من السفر إلى الحج و القيام بأعماله. و لو اعتقد المكلّف بضعفه البدني أو أنّ الطبيب منعه من الذهاب إلى الحج إلى حدّ صار آيسا من عود الصحة إليه، يجب عليه أن يستنيب.
كما أنّ المقصود من الاستطاعة المالية- الّتي يعبّر عنها في كتب الفقهاء بالزاد و الراحلة- هو أن تتوفر عنده الإمكانية المالية الّتي يصرفها في الذهاب و الإياب و الإقامة هناك. و بعبارة أخرى وجود ما يبلغه إلى مكة المكرمة و يرجعه إلى بلده من الرزق و وسيلة السفر، و ذلك يختلف حسب اختلاف مكانة المكلف.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 13
كالسكن و وسيلة النقل، إلى غير ذلك ممّا يختلف كيفا و كمّا حسب اختلاف المكانة الاجتماعية للمكلّف.
فربّ انسان من شأنه أن يسكن البيت الملكي و يعدّ السكن في البيت الإجاري على خلاف شأنيّته، فلا يجب عليه الحج إلّا بعد أن يتملك بيتا. و رب إنسان آخر يكفيه البيت الإجاري و لا يعدّ خلاف شأنه، فيعد مستطيعا و يجب عليه الحج و لو لم يملك بيتا.
و على ضوء ذلك فلو حج الأوّل مع احتياجه إلى البيت الملكي فلا يغني حجّه عن حجّة الإسلام، لأنّه حج و هو غير مستطيع.
و هو بعد بحاجة إلى الزواج و الأمر دائر بين صرف المال في أحد الأمرين؛ الزواج أو الحج، يقدّم الأوّل على الثاني.
تجب عليه المطالبة بالدّين.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 14
كان عليه أخذ ماله من المديون و الحج به.
فلا يجب عليه الحج، و لو حجّ فلا يجزي عن حجّة الإسلام.
على نحو يطمأن بأنّه لو رجع من الحج لاستطاع أن يؤدّي دينه في وقته، وجب الحج عليه. و الفرق بين هذه المسألة و ما قبلها واضح.
- فإنّما يجب عليه الحج إذا استطاع إليه بعد إخراجها.
و لم يذهب إلى الحج، استقرّ عليه الحج سواء احتفظ بماله أم لم يحتفظ به.
فيمكن له إنفاق مصارف الحج في أمور حياته و غيرها، و لكن الأحوط أن يحتفظ بها إلى سنة أخرى، عسى أن تعود إليه صحته أو يفتح الطريق أمامه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 15
- كأخذ جواز السفر و دفع ضريبته إلى غير ذلك ممّا صار مرسوما هذه الأيام- فيشترط في وجوب الحج تمكّنه من توفير هذه المقدمات.
أحدهما طريق رخيص و لكنّه غير مقدور، و الآخر غال يتوقّف على صرف مال كثير، يجب عليه السفر إلى الحج عبر الطريق الثاني، إلّا إذا كان يستلزم صرف أموال طائلة يصعب تحمّلها عادة.
فلو باعه يتمكّن من السفر بثمنه إلى الحج، و لكن كانت الأسعار في تلك السنة منخفضة، يجب عليه بيع هذا الملك و الذهاب إلى الحج، إلّا إذا كان بيعه بثمن منخفض مورثا للحرج.
فيجب عليه بيعها و الذهاب إلى الحج.
يجب عليه الفحص إذا كان ميسورا حتّى تتبين له الحال.
- قدّم النذر
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 16
على الحج، و لو عكس قدّم الحج و لم ينعقد النذر.
قدّم الحج و انحلّ النذر في نفس السنة، و يبقى وجوب العمل بالنذر في السنوات الأخرى على حاله.
وجب الحج، إلّا إذا كان ترك الواجب أو فعل المحرم يتمتع بأهمية خاصّة فوق الحج.
يجب عليه الحج، و لا يشترط في هذه الصورة تملك المكلّف لضروريات الحياة من السكن و وسيلة النقل و غيرها، إذ لا يتفاوت حاله بين الذهاب إلى الحج و بين تركه.
وجب عليه القبول إذا لم يكن القبول على خلاف شأنيّته، و الفرق بين هذه الصورة و المسألة السابقة هو
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 17
أنّه في الأولى يتكفّل الباذل بنفقته عبر الطريق بالتدريج و أمّا نفقة عياله فانّه يعطيها كاملة قبل السفر. و في الثانية يعطيه مالا ليصرفه في الحج ذهابا و إيابا و نفقة على عياله.
و لو فرض تخلّفه عن البذل فلو كان المبذول له، قادرا على الهدي يجب عليه الهدي و إلّا يكون حكمه حكم كل من لم يتمكن من الهدي فيصوم ثلاثة أيّام في الحج و سبعة إذا رجع إلى وطنه، و على كل تقدير فلا يشترط في الحج البذلي الشرط الخامس (الرجوع إلى الكفاية) كما سيوافيك شرحه.
أو وهبه مالا من دون أن يذكر الحج لا تعيينا و لا تخييرا، لم يجب عليه الحج.
وجب عليه الحج في تلك السنة، و لا يشترط فيه كونه مالكا لنفقة عائلته أو سائر حاجات الحياة. و على ضوء ذلك فطبيب القافلة و مرشدها الديني يجب عليهما الحج في السنة الأولى و ليس لهما تقبّل الحج نيابة عن أحد.
و كانت
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 18
الأجرة وافرة على نحو يكفي ما يتبقى منها للحج في السنة التالية، وجب عليه الحج حينئذ فيها.
سواء وجبت نفقته عليه شرعا أو تكفّل بنفقته عرفا و أخلاقا.
يشترط في وجوب الحج الرجوع إلى كفاف بمعنى أنّه يستطيع بعد الحج إدارة نفسه و أهله حسب مكانته الاجتماعية، فلو لم يكن له إلّا رأس مال يتّجر به و يدير به عائلته بحيث لو صرفه في الحج و رجع، صار فقيرا، فلا يجب عليه الحج حينئذ.
ثمّ إنّه لو زالت الاستطاعة الجسمية بحيث لو حج مباشرة لزم الحرج و المشقة، يجب عليه أن ينيب غيره عنه.
يجب عليه الذهاب إلى الحج و لو متسكعا متزامنا مع المشقة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 19
إلّا إذا كان مريضا أو كان الذهاب إلى الحج أمرا حرجيا، فعليه أن ينيب غيره.
بل يجب عليه أن يقدّم حجّ نفسه على حج الغير، و كذلك إذا استقر عليه الحج من سنوات سابقة لا يصح أن ينوب عن الغير مع وجوب الحج عليه.
يجب إخراج مصارف الحج- كسائر ديونه- من تركته، ثمّ تقسيم ماله بين الورثة.
و لكن يكفي في ذلك الاستنابة عنه من الميقات و لا تجب الاستنابة من البلد، إلّا إذا أوصى بأن يحج عنه بلديا لا ميقاتيا.
يجب عليها الحج و إن شق الأمر عندئذ على الزوج.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 20
و الأفضل تحصيل رضاه.
يجب عليها الحج بشرط الرجوع إلى الكفاف بعد الحج.
وجب عليها المطالبة بالصداق و الذهاب إلى الحج، إلّا إذا كان الزوج معسرا أو كانت المطالبة بالصّداق مورثة للاختلاف بينهما.
يجب عليه إرسالها إلى الحاكم الشرعي و لا يجوز له صرفها في الحج.
بحيث إنّه لو باعه لتمكّن أن يذهب إلى الحج مع شراء بيت يناسب حاله و شأنه، فلا يجب عليه البيع و لا التبديل، نعم لو أقدم على البيع و اشترى بيتا مناسبا لحاله يجب عليه الحج بما بقي من الثمن.
لا يجب عليه الحج، و لو حجّ لا يكون حجّه حجّة الإسلام.
إلّا أنّه
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 21
يمتلك أرضا لو باعها لاشترى بثمنها بيتا، فلا يجب عليه الحج حتّى و لو كان الثمن وافيا بمصارف الحج.
فيجب عليه في هذه الحال أن يستنيب.
لا يجب عليه الحج، و لكنّه لو حضر في أيام الحج أحد المواقيت يجب عليه الحج إذا ملك ما يحتاجه خلال أيّام الحج.
يقدّم الحج النيابي على حج نفسه، و لو بقيت استطاعته إلى السنة القادمة وجب عليه الحج عن نفسه.
فإذا استطاع في أي شهر من الشهور و توفّرت سائر الشروط، وجب عليه الحج.
1. البلوغ. 2. العقل. 3. الإيمان. 4. الوثوق بأنّه يقوم بأعمال
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 22
الحج صحيحة. 5. معرفته بأحكام الحج، و لو عن طريق مرشد الحج. 6. فراغ ذمّته عن الحج الواجب في السنة الّتي ينوب فيها.
7. تمكّنه و قدرته البدنية على إتيان الأعمال بنفسه.
1. كونه مسلما. 2. ميتا أو عاجزا عن السفر إلى الحج و الإتيان بأعماله، عجزا لا أمل في رجوع الاستطاعة إليه. 3. صار مستطيعا و هو بالغ، أو صار مستطيعا و هو صغير و استمرت الاستطاعة إلى أوان البلوغ و عجز عن الحج.
بل يستحب أن يذكر اسمه.
إلّا أن يشترط في عقد النيابة كونه بعهدة المنوب عنه. و لو ارتكب النائب أحد المحرّمات فالكفارة عليه لا على المنوب عنه.
برئت ذمّة المنوب عنه عن الاشتغال بالحج. و لو مات النائب بعد ما أحرم و دخل الحرم قبل أن يأتي بأعمال العمرة أو الحج يكفي ذلك في براءة ذمّة المنوب عنه و لا تجب الاستنابة في الأعمال المتبقّية. و أمّا لو مات بعد ما أحرم و قبل أن يدخل الحرم وجب
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 23
على المنوب عنه أو وليّه أن يستنيب ثانيا.
يجب عليه أن يأتي به عن نفسه، و لو قصد ما في ذمّته من الطواف لكفى.
حرمت عليه زوجته و لا تحرم زوجة المنوب عنه عليه فيما إذا كان حيّا غير قادر على الحج.
فلا يصح أن ينوب لأداء ما في ذمّته. نعم لو ناب عمّن وجب عليه حج التمتع و الوقت وسيع بحيث يتمكن أن يأتي بالعمرة أوّلا ثمّ بالحج ثانيا و لكن طرأت طوارئ و حدثت حوادث، فضاق الوقت عن إتيان حج التمتع، يجب عليه العدول إلى حج الإفراد فيقدّم الحج على العمرة فيذهب إلى عرفات ثمّ المزدلفة ثمّ إلى منى ثمّ يؤدي بقية أعمال الحج و يأتي بعمرة مفردة بعد انتهاء أيّام التشريق.
نعم لو تساهل و صار الوقت ضيقا، فالأحوط عدم كفاية حج الإفراد عن حج التمتع.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 24
نعم يجوز أن ينوب في بعض الأعمال عن أشخاص متعدّدين، كالنيابة في الطواف و الهدي و الرمي.
فيجب عليه أن ينيب غيره عنه إلى الحج.
فلا يجب عليه الحج، و أمّا لو ارتفع العذر و النائب في طريقه إلى الحج و هو بعد لم يحج فيستحب أن يحج عن نفسه أيضا إن استطاع.
فليس له أن ينوب عن الآخر.
هناك صور:
أ. لو كانت الأجرة في مقابل عمل الحج، فلا يستحق شيئا.
ب. لو كانت الأجرة مقابل براءة ذمة المنوب عنه من الحج، فيستحق الأجرة بتمامها إذا مات بعد ما أحرم و دخل الحرم، و لا
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 25
يستحق شيئا إذا مات قبل دخول الحرم.
ج. لو كانت الأجرة مقسّطة على الذهاب و العمل و الإياب، فيستحق الأجرة حسب ما أدّاه من هذه الأعمال. و لكن الغالب على النيابة هو الصورة الثانية.
و كذا يستحب على من حجّ أن يدعو اللّه تعالى- عند ما يغادر مكة- أن يرزقه الحج مرة ثانية.
كما يصح الطواف عنه بشرط أن لا يكون متواجدا في مكة أو كان متواجدا و لكن كان معذورا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 26
بشرط أن يكون قادرا على أداء الدّين، لكن لا يجزي عن حجة الإسلام.
نعم لو احتمل اختلاط المال بالحرام فهو مستطيع يجب عليه الحج.
بل يجوز إهداؤه عند النيّة و قبل العمل.
يستحب له أن ينوب عن الغير و يحج.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 27
ينقسم الحج إلى أقسام ثلاثة:
1. حج التمتّع.
2. حج الإفراد.
3. حج القران.
فالأوّل فرض من كان بعيدا عن مكة، و الآخران فرض من كان حاضرا غير بعيد. و حد البعد عبارة عمّن كان بين أهله و مكة أكثر من ستة عشر فرسخا. و الحاضر هو من يكون البعد بين أهله و مكة أقل من ستة عشر فرسخا، أي ما يعادل حدود 88 كيلومترا.
و يتألّف حج التمتع من عملين:
1. عمرة التمتع.
2. حج التمتع.
أمّا العمرة فتتكون من خمسة أعمال:
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 28
1. الإحرام. 2. طواف البيت. 3. صلاة الطواف. 4. السعي بين الصفا و المروة. 5. التقصير.
فإذا فرغ المحرم من هذه الأعمال الخمسة يحلّ له كلّ محرّمات الإحرام الّتي تحرم بسبب الإحرام، و الّتي ستوافيك لاحقا.
ثمّ إنّه يأتي بأعمال الحج على النحو التالي:
1. الإحرام. 2. الوقوف في عرفات. 3. الوقوف في المشعر الحرام، المسمّى بمزدلفة. 4. رمي جمرة العقبة يوم منى و هو اليوم العاشر. 5. الهدي في منى. 6. الحلق أو التقصير في منى. 7. طواف البيت المسمّى بطواف الزيارة. 8. صلاة الطواف. 9. السعي بين الصفا و المروة. 10. طواف النساء. 11. صلاة الطواف. 12. المبيت في منى ليلة الحادي عشر، و ليلة الثاني عشر، و حتّى ليلة الثالث عشر لبعض الناس. 13. رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر، و حتّى الثالث عشر لبعض الناس.
هذه هي أعمال حج التمتع: عمرته و حجّه. و أمّا حج الإفراد و القران فسيوافيك بيانهما في فصل مفرد. فلنشرع بتفصيل أعمال حج التمتع: عمرته، و حجّه.
مناسك الحج
و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 29
و يجب على المعتمر تمتّعا، الإحرام من أحد المواقيت الخمسة.
و السر في تعدد المواقيت هو اختلاف طرق الحجاج إلى مكة المكرّمة، حيث يفدون من الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب، و هذا يستدعي مواقيت مختلفة حسب اختلاف الجهات.
إنّ مسجد الشجرة- و ربما يسمّى ذو الحليفة- هو ميقات المدنيّين و كل من يمرّ عليه من جانب المدينة. و يبعد المسجد عن مركز البلد حوالي (9) كيلومترات، كما أنّه يبعد عن مكة المكرمة حوالي (450) كيلومترا.
يجب عليه أن يحرم من الميقات الّذي يقع في طريقه إلى مكة و هو
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 30
(الجحفة)، و سيأتي تفصيل ذلك.
و لو أحرم من خارجه صحّ إحرامه أيضا، و لا فرق في ذلك بين البناء القديم و الجديد من المسجد. نعم من أراد أن يحرم من خارج المسجد، يحرم من ورائه أو عن يمينه أو يساره، لا من أمامه.
كما لا تشترط الطهارة من الحدث الأصغر.
و إذا أراد أن يحرم من داخله يحرم عبورا، دخولا من باب و خروجا من باب آخر مع التلبية، هذا إذا كان البابان مفتوحين، و أمّا إذا كان أحدهما مغلقا و لم يتمكن من العبور، فعليه الإحرام من خارج المسجد.
و أمّا إذا قربت طهارتها من الحيض و أمكنها البقاء، فلتصبر حتّى تطهر ثمّ تحرم من داخل المسجد.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 31
وادي العقيق هو ميقات أهل نجد و العراق و من يمرّ عليه من غيرهم. و أوله المسلخ و أوسطه غمرة و آخره ذات عرق، و هذا الميقات أوسع المواقيت الخمسة و يبعد عن مكة حوالي (180) كيلومترا. و الأحوط أن لا يتجاوز «غمرة» إلّا و هو محرم و لا يؤخر الإحرام إلى «ذات عرق».
و هو ميقات أهل الطائف، و يبعد عن مكة حوالي (75) كيلومترا على الطريق القديم، و في جانب الطريق الجديد (على بعد 60 كيلومترا) لوحة إرشادية تشير إلى نقطة المحاذاة لقرن المنازل و تسمّى بوادي المحرم.
و هو ميقات أهل اليمن، و قال بعض الفقهاء يلملم قرية صغيرة عند أسفل الجبل، تبعد عن مكة (100) كيلومتر، و هي الآن لم تعد محرما لأهلها و لا لأبناء القبائل الموجودة في القرى
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 32
و الأرياف حواليها أو قريبا منها، و ذلك لاندثار الطريق القديم الّذي كان يمرّ بها من اليمن إلى مكة بسبب إحداث طريق جديد له من جهة الساحل، و بينهما (الطريقين) مسافة 25 كيلومترا، عرف بطريق السعدية الّتي هي الموضع المحاذي ليلملم، و أصبح اليوم (قرية السعدية) هو المحرم.
الجحفة ميقات المبحرين و الشاميين، و كل من مرّ على مسجد الشجرة بلا إحرام، يحرم منها، و تبعد عن مكة حوالي (187) كيلومترا. و بين الميقات و غدير خمّ- و هو المكان الّذي نصب فيه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الإمام عليا عليه السّلام للولاية و الخلافة- حوالي (11) كيلومترا.
و إذا لم يشهد عادل يرجع إلى شهادة أهل المحل، فإذا حصل الاطمئنان يعمل بقولهم، و الّذي يهوّن الخطب أنّ المواقيت الخمسة حاليا محددة بعلائم و لوحات إرشادية تفيد الاطمئنان بل اليقين.
كما
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 33
إذا ركب الطائرة و نزل مطار جدّة فأمامه خيارات أربعة:
أ. أن يذهب إلى المدينة المنورة و يزور الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يحرم من مسجد الشجرة و عند الضرورة من الجحفة.
ب. أن يذهب إلى الجحفة و يحرم منها.
ج. يحرم من الموضع المحاذي للجحفة الواقع في الجنوب الشرقي لمدينة جدّة. و حسب الأخبار الواصلة من أهل التحقيق، فإن مركز المدينة (قبل الوصول إلى الجسر الكبير) هو الموضع المحاذي للجحفة.
و المحاذاة هي أن يقع الميقات طرف يمينه أو يساره على نحو يقال عرفا انّ هذه النقطة تحاذي أحد المواقيت الخمسة.
د. الأفضل أن يذهب إلى الحديبية من أحد الطريقين القديم أو الجديد و يحرم من هناك، و هي مكان معدّ للإحرام و يتوفر فيه كل ما يحتاجه الحجيج.
و الضابطة الكلية لكل من لا يمر على أحد المواقيت الخمسة أن يحرم من أدنى الحل كالحديبية، أو التنعيم، أو المراكز الأخرى.
لا يجب عليه تجديد الإحرام عند المرور على
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 34
الميقات الثاني، كما أنّه إذا أحرم من أحد المواضع المحاذية لميقات ما، ثمّ مرّ على موضع محاذ لميقات آخر لا يجب عليه تجديد الإحرام.
لكن إذا نذر أن يحرم قبل الميقات كان له الإحرام قبله، و كل من يريد أن يذهب إلى مكة مباشرة فعليه أن يحرم قبل الميقات في المطار الّذي يطير منه أو داخل الطائرة، و لو مرّ على الميقات لا يجب عليه تجديد الإحرام.
يجب عليه الرجوع إلى الميقات الّذي مرّ عليه، سواء دخل الحرم أم لم يدخل، و لو عجز عن الرجوع فلو كان خارج الحرم يرجع و يتجه باتجاه الميقات و يمشي عدة خطوات ثمّ يحرم من هناك. و لو دخل الحرم يخرج منه و يحرم من أدنى الحلّ، و لو عجز عن الرجوع يعود و يمشي عدة خطوات ثمّ يحرم من هناك.
فحكمها حكم من نسي الإحرام في المسألة السابقة.
و ضاق الوقت
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 35
و لم يقدر على الرجوع إلى الميقات و لم يكن أمامه ميقات آخر، بطل حجّه و يجب عليه قضاؤه في السنة التالية، و الأحوط أن يحرم من أدنى الحل و يأتي بالأعمال ثمّ يقضي في المستقبل.
و لكنّه لو فعل و أحرم من ميقات آخر صحّ حجّه.
فالأفضل الإحرام من المسجد لفضله.
و بقي في أحد الحرمين الشريفين أو غيرهما ثمّ حاول أن يحج حجّة التمتع فلو وقع في مسيره إلى مكة أحد المواقيت الخمسة يحرم منه، و إلّا- كما لو كان في مكة المكرمة- فيخرج إلى أدنى الحل كالتنعيم و الحديبية و غيرهما فيحرم منها.
يحرم منه و ليس له أن يجاوزه بلا إحرام، فإن جاوزه يجب الرجوع إليه، و إذا لم يكن في مسيره إلى مكة أحد هذه المواقيت، يحرم من أدنى الحلّ. و حدود الحرم مشخّصة باللوحات الإرشادية في أغلب المناطق.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 36
و الأفضل أن يختار الحديبية الّتي عقدت فيها بيعة الرضوان و مكث النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيها أيّاما إلى أن عقد صلح الحديبية المعروف فرجع صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى المدينة بنية الاعتمار في السنة القادمة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 37
هي:
1. النيّة.
2. لبس ثوبي الإحرام.
3. التلبية.
و إليك شرح هذه الأعمال:
العمرة و الحج عملان عباديان لهما منزلة خاصة و مكانة سامية عند اللّه تبارك و تعالى، و الإحرام بوابة الدخول فيهما. و على هذا فمعنى نية الإحرام هو أن ينوي الورود في عمل عبادي له حرمة عند اللّه و كرامة.
و أمّا الاجتناب عن عدة أمور باسم محرّمات الإحرام، فهو سياج يحفظ حرمة هذه العبادة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 38
و لا تتوقف نيّة الإحرام على نية ترك هذه المحرّمات، لما قلنا من أنّ الشارع أوجب تركها صيانة لحرمة هذه العبادة، بل يكفي الناسك أن يخطر بباله أنّه يحرم لعمرة التمتع أو لحجّه، و لو أجرى على لسانه ما خطر بباله لكان أفضل، و يكفي أيضا أن يحرم بما هو واجبه فعلا.
بطلت عمرته و يجب عليه تجديدها على النحو المعروف. و لو ضاق الوقت و لم يتمكّن من عمرة التمتع يجب عليه العدول إلى حج الإفراد و هو أن يقدّم الحج، و بعد الفراغ منه يعتمر عمرة مفردة بعد مضي أيّام التشريق.
فحكمه حكم من أتى بجميعها كذلك.
بطلت عمرته. نعم لو كان بصدد الإتيان بما في ذمته من الواجب و تخيّل أنّ الواجب هو الإحرام للحج غافلا عن أنّ واجبه هو الإحرام للعمرة، يصح حينئذ إحرامه، و الأفضل إذا وقف على خطئه أن يجدّد النية.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 39
يجب لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه، و كيفيّته: أن يأتزر بأحدهما و يرتدي بالآخر، و يستثنى من ذلك الصبيان حيث يجوز تأخير تجريدهم إلى «فخ». و الأحوط أن تلبس النساء هذين الثوبين فوق الثياب الّتي عليهن.
و إنّما يلبّي بعد ما يلبس، و لو لبّى قبل أن يلبس فالأحوط تجديد التلبية بعد اللّبس.
كما يعتبر في الرداء أن يكون ساترا للمنكبين.
يشترط فيه قصد القربة.
فيجب أن يكون الإزار منفصلا عن الرداء، و لا يكفي ثوب واحد يستر المنكبين و يمتد إلى الركبتين.
كما يعتبر فيهما أن
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 40
يكونا منسوجين، فلا يكفي الجلد و اللبد «1».
إلّا أنّ الاحتياط أن لا يعقد ما جعله إزارا على عنقه فيما لو كان وسيعا. و لو عقده نسيانا أو جهلا بالحكم يحلّه من فوره، و لكنّه لا يضرّ بالإحرام و لا يوجب الكفّارة.
و هو عبارة عن إدخال الرداء تحت الإبط الأيمن- مثلا- و إلقائه فوق المنكب الأيسر، و ذلك لأنّ النصوص دلّت على أن يكون أحدهما إزارا و الآخر رداء، و الهيئة المذكورة (أي التوشح) مخالفة للارتداء.
فلا يجوز الإحرام بالثوبين المتخذين ممّا لا يؤكل لحمه، أو النجسين، أو كانا من الحرير الخالص، و الأحوط عدم اشتمال ثياب المرأة المحرمة على ذلك أيضا.
اللّذين
______________________________
(1). اللّبد (جمعها لبود و ألباد): كل شعر أو صوف متلبّد. يقال تلبّد الصوف و نحوه: إذا تداخلت أجزاؤه و لزق بعضها ببعض.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 41
لبسهما في الميقات، و أمّا لو أبدلهما بآخرين، فيستحب إتيان الأعمال بالثوب الأوّل.
فلا بأس بإلقائه عن بدنه لضرورة أو لغير ضرورة، كما لا بأس بالتبديل إذا كان البدل واجدا للشرائط.
شريطة أن لا يكون مخيطا.
صحّ إحرامه غير أنّ العامد يعدّ عاصيا، و على كل تقدير يجب نزع المخيط و الاكتفاء بثوبي الإحرام. و مثله ما إذا أحرم مع المخيط نسيانا ثمّ تذكّر فيجب عليه نزع المخيط و الاقتصار على ثوبي الإحرام، و يجب التكفير بالهدي على من عمل ذلك عامدا.
التلبية هي الواجب الثالث من واجبات الإحرام و صورتها:
«لبّيك اللّهم لبّيك، لا شريك لك لبّيك».
و يستحب أن يقول بعدها:
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 42
«إنّ الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك».
و يستحب كذلك ان يضيف إليها الجمل التالية:
«لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك داعيا إلى دار السلام لبّيك، لبّيك غفّار الذنوب لبّيك، لبّيك أهل التلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال و الإكرام».
و قد مرّ أنّ منزلة التلبية في إحرام الحج منزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يصير الإنسان محرما إلّا بها، فيجب التلفّظ بها و لو بتلقين شخص آخر، فإذا لم يتعلم و لم يتيسّر التلقين، يلبّي بالمقدار الميسور من هذه الكلمات «فإن الميسور لا يسقط بالمعسور».
و لو أحرم من الميقات بلا تلبية نسيانا يجب عليه الرجوع إلى الميقات الّذي أحرم منه حتّى يحرم مع التلبية. و إذا لم يتيسر له الرجوع فلو لم يدخل الحرم يحرم هناك و يلبّي، و لو دخل الحرم يرجع إلى أدنى الحل و يحرم فيه و يلبّي، و إن لم يتمكّن من الرجوع إليه، يحرم مع التلبية في الموضع الّذي تذكّر فيه.
و هكذا من أحرم و لبّى رياء.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 43
لم يعتدّ بالشك. و هكذا إذا أحرم في اليوم الثامن من ذي الحجّة الحرام و لبّى ثمّ شك بعد فترة في أنّه هل أحرم للعمرة أو للحج، بنى على الصحة و أنّه أحرم للحجّ.
و يستحب تكرارها إلى سبعين مرة عبر الطريق، إلى أن يشاهد بيوت مكة، فيقطع التلبية.
و أمّا إذا أحرم للحج، فيستحب تكرارها إلى ظهر عرفة، فإذا زالت الشمس يقطع التلبية.
و إذا أحرم لعمرة مفردة من خارج الحرم، يستحب تكرارها حتّى دخول الحرم؛ و أمّا إذا أحرم من داخل الحرم، فيستحب تكرارها إلى مشاهدة الكعبة المشرّفة.
يستحبّ لمن أراد الإحرام أن يقوم بالأعمال التالية:
1. تنظيف بدنه، و إزالة شعر إبطيه و عانته بالنورة، و قصّ أظفاره قبل الإحرام.
2. توفير شعر رأسه و لحيته إذا قصد الحج من أوّل شهر ذي القعدة، و كذا من قصد العمرة المفردة قبل شهر.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 44
3. الغسل للإحرام في الميقات، و يصحّ هذا الغسل من الحائض و النفساء. و يجوز تقديمه على الميقات (بالغسل في الفندق و غيره) إذا خاف عدم وجدان الماء في الميقات أو خاف الزحام بشرط أن لا يلبس المخيط بعد الغسل، و لو اغتسل قبل الميقات ثمّ تمكن من الغسل أعاده استحبابا. و إذا اغتسل في النهار كفى إلى آخر الليل أو اغتسل في الليل كفى إلى آخر النهار.
و إذا اغتسل ثمّ أحدث حدثا أصغر قبل الإحرام يستحب له إعادة الغسل.
4. أن يكون ثوبي الإحرام من القطن الأبيض.
5. أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر، فإن لم يقع فليكن بعد فريضة أخرى، و إن لم يقع فليكن بعد صلاة ركعتين، و الأفضل بعد ست ركعات.
6. أن يقول حين لبس الإحرام: «الحمد للّه الّذي رزقني ما أواري به عورتي، و أؤدّي فيه فرضي و أعبد فيه ربّي و أنتهي فيه إلى ما أمرني. الحمد للّه الّذي قصدته فبلّغني، و أردته فأعانني، و قبلني و
لم يقطع بي، و وجهه أردت فسلّمني، فهو حصني و كهفي و حرزي و ظهري و ملاذي و رجائي و منجاي و ذخري و عدّتي في شدّتي و رخائي».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 45
7. تكرار التلبية وقت النهوض من النوم و بعد كل صلاة واجبة و مستحبة و عند صعود تل أو هبوط واد، و يستحب للرجال الجهر بالتلبية.
و هي عدة أمور:
1. الإحرام في ثوب أسود.
2. أن ينام على و سادة أو فراش أصفر أو الفراش الوسخ.
3. الإحرام في ثوب قذر.
4. الإحرام في ثوب مخطّط.
5. استعمال الحناء قبل الإحرام إذا بقي أثرها حتّى حال الإحرام.
6. دخول الحمامات العامة و دلك بدنه.
7. أن يجيب من يناديه ب «لبيك».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 47
يحرّم على المحرم- و ربّما على غيره «1»- أمور يناهز عددها أربعا و عشرين، و هي:
كما يحرم أكل لحمه، سواء اصطاده بنفسه أم اصطاده غيره، و سواء كان الصائد محرما أم محلا.
و تحرم إعانة الصائد بأي نحو كان.
يحرم أكله مطلقا على المحرم و غيره.
و المراد به هو
______________________________
(1). كالصيد في الحرم الّذي يحرّم على المحلّ أيضا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 48
الحيوان الّذي يعيش تحت الماء، و على ضوء ذلك فالطيور البحرية الّتي تعيش في البحر تارة و في البرّ أخرى ليست من أقسام صيد البحر.
كالدجاج و البقر و الغنم.
و منه الجراد.
و لو قتلهما وجبت عليه الكفّارة و هو مقدار من الطحين يدفعه للفقير.
بل كلّ لذة و تمتع. و أمّا اللمس و النظر مجرّدين عن الشهوة فليسا بحرام، و لذلك تجوز الخلوة بين الرجل و زوجته.
و يجب عليه إعادة العمرة. و لو جامع بعد السعي و قبل التقصير صحّت عمرته و وجبت عليه الكفارة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 49
ثمّ يجدّد العمرة، و أمّا لو جامع بعد السعي فليتمّ عمله و لا إعادة عليه سوى الكفارة.
و لو جامع في إحرام الحج قبل الوقوف بعرفات أو قبل الوقوف في المشعر الحرام، تترتب عليه الأحكام التالية:
1. يبطل حجّه.
2. يمضي في حجّه و يتمّه.
3. يقضي حجّه في السنة التالية.
4. يكفّر بذبح بدنة.
سواء أمنى أم لا، و لو قبّلها بلا شهوة فعليه ذبح شاة.
و لو نظر نظرة عادية فأمنى من غير اختيار فلا كفارة عليه.
سواء أمنى أم لا، و لو لامسها بلا شهوة فلا كفارة عليه حتّى لو أمنى.
صحّت عمرته و حجّه و لا كفارة عليه. و لكن
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 50
الجاهل بالحكم عاص بعمله هذا و إن لم يكن ملتفتا إلى حرمة العمل.
وجبت على الزوج كفارتان، و ليس على الزوجة شي ء، إلّا إذا رضيت في الأثناء فتجب عليها الكفارة.
سواء أ كان ذلك الغير محرما أم محلّا، و سواء أ كان التزويج تزويج دوام أم تزويج انقطاع.
و أمّا أداء الشهادة و هو محرم، فالأقوى جوازه سواء تحمّلها محرما أم غير محرم، و إن كان الأحوط تركه.
كما يجوز للمطلقة خلعيّة الرجوع فيما بذلته.
تحرم عليه المعقودة حرمة أبدية، سواء أ كانت محرمة أم غير
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 51
محرمة، و سواء أ كانت عالمة أم جاهلة.
فالعقد باطل و لا تحرم المرأة عليه حرمة أبدية، فيجوز له أن يعقد عليها بعد أن يتحلّل من إحرامه، إلّا إذا كانت المرأة عالمة بالموضوع و الحكم الشرعي.
فلو كان أحد المتعاقدين عالما بالحكم الشرعي، يبطل العقد و تحرم المرأة على العاقد حرمة أبدية.
فلو كان العاقد و الزوج و الزوجة عالمين بالحكم الشرعي، وجبت الكفارة على كل منهم و هي بدنة، و لو كان بعضهم عالما دون بعض فالكفارة على العالم دون الجاهل.
تجب عليه بدنة، و في كل مورد يفسد الحج بالجماع يفسد بالاستمناء أيضا على الأحوط.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 52
شمّا و تطيّبا و دلكا و أكلا، كما يحرم عليه لبس ما يكون عليه أثر منها، و على ذلك يحرم استعمال الصابون المعطّر و الغسول السائل (الشامبو)، و أكل الأغذية المعطّرة بالزعفران و غيره.
و لكن يمسك عن شمّها حين الأكل و غيره.
فليس عليه شي ء، و لكن يجتنب عن شمّه.
فليس عليه شي ء، و لكن يجب عليه عدم شمّه.
لا يضرّ ذلك بإحرامه، لكن يجب عليه الاجتناب عن شمّه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 53
و في غير هذه الأزهار لا يجب الاجتناب.
نعم لا بأس بالإسراع في المشي للتخلّص منها.
بشرط أن لا يشمّ شيئا منها للتجربة.
و في استعماله عن طريق غير الأكل كالشمّ و التطيّب شاة أيضا على الأحوط.
فعليه كفارة واحدة؛ و لو استعمله في مجالس مختلفة تكررت الكفارة حسب تكرر الاستعمال. و لو أكل الغذاء المعطّر و كفّر ثمّ أكل تتكرر الكفارة بتكرر الأكل بعد التكفير.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 54
بل الأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون مشابها للمخيط، كالملبّد الّذي يستعمله الرعاة، و ما يحاك من اللباس، و يستثنى من ذلك:
أ. الهميان- و هو ما توضع به النقود حفظا لها و يشد على الظهر أو البطن- فإن لبسه جائز (و الآن يصنع الهميان بدون خياطة).
ب. الكمام الطبي و إن كان مخيطا.
ج. التحزم بالحزام المخيط كالّذي يستعمله من ابتلي بالفتق.
د. التغطّي باللحاف المخيط في حال الاضطجاع للنوم و غيره ما عدا الرأس.
جاز و عليه الكفارة، و هي شاة.
و لو بعضه ببعض، و لا يغرزه بإبرة و نحوها، و الأحوط أن لا يعقد
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 55
الرداء أيضا، و لا بأس بغرزه بالإبرة و أمثالها.
(و هو لباس الكفّ، و تسمّيه العامة «الكفوف») سواء أ كان للحر أو للبرد أو لغير ذلك.
تجب عليه الكفارة مجدّدا.
تجب عليه كفارة واحدة؛ و أمّا لو لبس واحدا منها في مجلس ثمّ الآخر في مجلس آخر، تعدّدت الكفارة.
و إن لم يقصدها المستعمل. و لو اشتمل الكحل على العطر يحرم عليه أيضا و إن لم يعدّ زينة.
إلّا إذا كان معطّرا، فتجب عليه الكفارة، و هي شاة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 56
جاز.
و أمّا النظر إليها لغاية أخرى، كإزالة الدم و الوسخ عن الوجه فلا إشكال فيه، كما أنّه لا إشكال في نظر السائق في مرآة السيارة لرؤية ما وراءه من الطريق. و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.
فالنظر فيها بقصد الزينة حرام.
و الأفضل أن يجدّد التلبية بعد النظر.
فلا إشكال في النظر فيها إذا لم يكن بقصد الزينة، و الأولى أن يسترها بقماش و غيره.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 57
و كل ما يلصق بالقدم.
جاز، و الأولى له خرقه حتّى يخرج عن كونه ساترا واحدا.
و الأفضل أن يكفّر بشاة.
و هو: السّباب و المفاخرة و الكذب، و ليس في الفسوق كفارة، بل تجب التوبة عنه، و تستحب الكفارة بذبح بقرة.
و هو: أن يقسم باللّه أو ما يعادله بأي لسان لإثبات أمر أو نفيه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 58
كما إذا حلف بالرحمن و الرحيم و خالق السماوات و الأرض، فهو أيضا جدال.
جاز.
يكفّر بالاستغفار، و لو حلف مرة ثالثة يكفّر بشاة.
ففي المرة الأولى يكفّر بشاة، و في الثانية ببقرة، و في الثالثة ببدنة.
ثمّ حلف كذلك يجب عليه التكفير بشاة أخرى.
ثمّ حلف مرّة أخرى، يكفّر بشاة، و في الثانية ببقرة، و في الثالثة ببدنة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 59
و نحوهما، و كذا هوامّ جسد سائر الحيوانات، و لا يجوز إلقاؤها من الجسد و لا نقلها من مكانها إلى محل تسقط منه، بل الأحوط عدم نقلها إلى محل تكون معرضا للسقوط، و الأحوط أن لا ينقلها إلى مكان يكون الأوّل أحفظ منه. و لو قتل هوام الجسد فالأحوط التصدّق بكف من الطعام.
فلو لبسه للاستحباب أو لخاصة فيه- لا للزينة- جاز.
سواء قصدها المستعمل أم لم يقصد، شريطة أن يبقى أثرها بعد الغسل، و إلّا فلا يحرم.
________________________________________
تبريزى، جعفر سبحانى، مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، در يك جلد، مؤسسه امام صادق عليه السلام، قم - ايران، اول، 1428 ه ق مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)؛ ص: 59
جاز و إن بقي أثرها بعده، و الأحوط تركه إذا بقي أثرها بعد الإحرام.
و مثله الخضاب بغير الحناء إذا بقي أثره بعد الإحرام.
سواء أقصد به الزينة أم لا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 60
و لكن عليها ألا تظهره لزوجها و لا لغيره من الرجال.
و لو كان بما ليست فيه رائحة طيبة.
- جاز له، شريطة أن يدهن بما ليس فيه طيب. و إذا لم يكن الصبر حرجيا، فليصبر إلى أن يخرج من الإحرام.
و لكن يستحب التكفير بشاة.
يكفّر بشاة و لو كان مضطرا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 61
كثيره و قليله- حتّى و لو شعرة واحدة- عن الرأس و اللحية و سائر البدن بحلق أو نتف أو قصّ، أو باستعمال النورة، سواء أ كانت الإزالة عن نفسه أم عن غيره حتّى و لو كان الغير محلّا.
جاز مع التكفير.
لستة مساكين، لكل منهم مدّان، أو بدم شاة أو بصيام ثلاثة أيّام، و لو حلق لغير ضرورة يكفّر بشاة.
ففيه شاة و الأحوط ذلك إذا نتف إحداهما.
فكفارته ككفارة الحلق.
فالأحوط كفّ طحين يتصدّق به.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 62
- بكل ما تصح به التغطية حتّى الحشيش و الحناء و الطين، و حمل شي ء على رأسه.
كماء الورد.
و على هذا فالأذنان، خارجتان عن الرأس، و لا بأس بوضع الرأس على الوسادة و نحوها، كما لا بأس بتغطية الوجه للرجال.
عريضا يغطي جزءا من الرأس، كما أنّه لا يجوز للنساء استعماله في غير الضرورة لأجل أنّه يغطي جزءا من الوجه.
و لكن عليه أن يكفّر بشاة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 63
جاز ما لم يكن ملتصقا بوجهه.
و الأحوط الاجتناب عن الاغتسال بماء الشلّال.
و لا يجوز ذلك للرجل.
نعم يجوز ذلك إذا كان التجفيف على التدريج. و في تغطية بعض الرأس، نفس ما في تغطية كل الرأس.
يجدّد التكفير، و إما لو كرّر التغطية في مجلس واحد، فالأحوط تكرار الكفارة و إن لم يكفّر أثناءه.
(و هي نسيج رقيق يجعل على السرير وقاية من البعوض و غيره، و تعرف بالكلّة).
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 64
و حتّى في حال النوم، كما لا يجوز لها لبس الكمام الطبي في غير حال الضرورة.
و لكن لها أن تضع يدها على وجهها، كما يجوز لها أن تنام و إن استوجب ذلك تغطية قسم من وجهها بسبب التصاقه بالأرض، و يجوز أن تستر وجهها ببرقع بشرط أن يكون بعيدا عن وجهها.
و لكن تحافظ على أن لا تلتصق بوجهها.
و لا فرق في ذلك بين الراكب و الراجل و لا بين النهار و الليل على الأحوط، على ما يأتي تفصيله.
غير المتحركة كالاستظلال بالنفق و الأشجار و الجبال و الجدران،
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 65
من غير فرق بين كون المحرم راكبا أو راجلا. و على ما ذكرنا يجوز للمحرم التوقف للاستراحة في المقاهي و المطاعم، كما يجوز التظلل في مكة و عرفات و منى بالسّقف و الخيم الثابتة.
أو السيارة عند الذهاب إلى المسجد الحرام، كما لا يجوز له الاستظلال بالمتحرك، إذا أراد الذهاب من مكان إلى آخر أيّام منى.
، فيجب عليه الخروج من غرفها و الجلوس في الأماكن غير المسقفة.
فإذا لم يكن شي ء من ذلك فحيث كان وجود المظلة كعدمها فلا بأس به. و على ذلك يجوز له ركوب الطائرة أو السيارة في الليل إذا لم يكن في الجو ريح أو مطر، و لو ركب السيارة و أخذت الأمطار بالهطول، فعليه أن يتوقف حتّى ينقطع المطر، ثمّ يواصل مسيره بعد ذلك.
و لو استظل بالعمرة و كرّر الاستظلال في الحج أيضا تكون عليه كفارتان.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 66
نعم لا تتكرر الكفارة إذا تكرر الاستظلال في العمرة فقط أو في الحج فقط.
بأي وسيلة كانت، حتّى بالحك و السواك أو قصّ الأظافر، و حقن الإبر.
من الدمامل الّتي على جسده.
و يستحب التكفير بشاة.
و لا فرق في ذلك بين آلات التقليم، اللهم إلّا إذا انكسر بعض الظفر و اضطر إلى تقليمه، فيجوز.
فالأحوط عدم تقليمه أيضا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 67
فعليه دم شاة. و لو قلّمها في مجلسين، فعليه شاتان.
فعندها يجب عليه التكفير بشاة.
و فيه كفارة شاة. و إذا اضطر إلى القلع و خرج الدم فالأحوط التكفير بشاة.
و يستثنى منه موارد:
الأوّل: ما نبت في داره و منزله بعد ما صارت داره و منزله، فإن غرسه و أنبته بنفسه جاز قلعهما و قطعهما، و إن لم يغرس الشجر بنفسه، فالأحوط الترك و إن كان الأقوى الجواز، و لا يترك الاحتياط في الحشيش إن لم ينبته بنفسه، و لو اشترى دارا فيه شجر و حشيش، فلا يجوز له قطعهما.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 68
الثاني: شجر الفواكه و النخيل، سواء أنبته اللّه تعالى أو الآدمي.
الثالث: الإذخر و هو عشب طيّب الرائحة.
نعم لو لم يكن حاملا للسلاح بل وضعه في حقيبته و في طيّات حوائجه فلا مانع منه. «1»
و إذا وجبت الكفارة و هو في إحرام الحج، فمحلّها منى، و يجوز تأخيرها إلى عودته من الحج في أي وقت شاء.
______________________________
(1). هذه هي محرمات الإحرام الّتي بلغت 23 محرّما، و ربّما ذكر بعض الفقهاء موارد أخرى و ذلك لعدّهم مسّ المرأة و تقبيلها بشهوة محرّما خاصا، و أمّا نحن فقد ذكرناه ضمن فرع خاص سميناه التلذذ الجنسي بالنساء، و المسألة مذكورة هناك.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 69
تتألف عمرة التمتع- كما ذكرنا سابقا- من خمسة أعمال، و هي:
1. الإحرام. 2. الطواف. 3. ركعتا الطواف. 4. السعي بين الصفا و المروة. 5. التقصير.
و قد مرّ الكلام في الإحرام و محرماته و مستحباته على وجه التفصيل، بقي الكلام في الأعمال الأربعة الباقية، و سنقوم بذكرها مفصلا فيما يلي.
و المجموع يعدّ طوافا واحدا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 70
سواء أ كان عالما بالحكم الشرعي أم جاهلا به.
فلو كان الوقت متسعا، يطوف و يصلي ركعتيه و يسعى بين الصفا و المروة ثمّ يقصر، و بعده يحرم إلى الحج.
و إن كان الوقت ضيقا بالنسبة لأعمال عمرة التمتع، فعليه أن يعدل من حج التمتع إلى حج الإفراد و يجعل إحرامه هذا إحرام حج الإفراد و يأتي بأعماله. و سيوافيك تفصيله في فصل خاص.
و لو خرج من مكة و تذكر في أثناء الطريق، فلو أمكنه الرجوع من دون حرج، رجع إلى مكة و طاف و صلّى ركعتيه، و إلّا فيستنيب.
و إن لم يمكنهما ذلك يستنيبان.
و إذا منع- في حالة الازدحام- من الطواف بهما داخل المسجد، يطاف بهما- بشرط أن ينوي هو نفسه- من الطابق العلوي، مع الجمع بينه و بين الاستنابة على الأحوط.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 71
الأوّل: ما يرجع إلى نفس الطائف.
الثاني: ما يرجع إلى كيفية الطواف.
و إليك البحث في القسم الأوّل:
الطواف عمل عبادي، و روح العبادة تكمن في النيّة، و لأجل ذلك يجب أن يكون الطواف مقرونا بالقصد و الإخلاص للّه سبحانه، و بعيدا عن الرياء و سائر الدوافع غير الإلهية.
و يراد من الحدث الأكبر الجنابة و الحيض و النفاس، كما يراد من الأصغر ما ينتقض به الوضوء كالنوم و البول و الغائط و الريح، فيجب على الطائف الطهارة بمعنى الغسل بعد الحدث الأكبر، و الوضوء بعد الحدث الأصغر.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 72
سواء أ كان الطواف طواف العمرة أو طواف الحج أو طواف النساء. فلو طاف و هو محدث، يبطل طوافه مطلقا، سواء أ كان عالما بكونه محدثا أم جاهلا و ساهيا.
نعم تشترط الطهارة فيه من الحدث الأكبر.
فإن كان قبل تجاوز نصف الأشواط، يبطل طوافه، و عليه تحصيل الطهارة ثمّ إعادة الطواف من رأس.
و إن كان بعد تجاوز النصف، يقطع طوافه و يتطهر و يكمل الطواف من الموضع الّذي أحدث فيه.
يجب عليهما الخروج من المسجد الحرام فورا. و أمّا حكم الطواف من الإعادة أو الإكمال فهو كما مر بيانه في المسألة المتقدمة.
بشرط أن يكون المورد جامعا لشرائط التيمّم.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 73
و جاز له الدخول في الطواف.
و لو شكّ في أثناء الطواف، فلا يعتدّ بشكّه و يستمر في طوافه.
و غفل عن حالته و دخل في الطواف، و لكنه شكّ في أنّه اغتسل أو توضأ قبل عروض الغفلة عليه، يبطل طوافه سواء عرض له الشك في أثناء الطواف أو بعده. و على ما ذكرنا يجب عليه ترك المسجد إذا كان جنبا (أو كانت حائضا) و شكّ، و يطوف بعد تحصيل الطهارة.
و كانت حالته السابقة على الطواف مجهولة غير معلومة عنده، لا يعتدّ بشكّه و يحكم على طوافه بالصحة، و لكنه يتطهر لما يأتي من الأعمال.
يعيد الطواف و الصلاة، إذا صلاها بعده.
يجب عليه إعادة الطواف و صلاة ركعتيه و السعي.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 74
يعيد الأعمال كلّها مع لبس ثوبي الإحرام.
تشترط طهارة بدن الطائف و لباسه من النجاسات، حتّى عن المقدار المعفو عنه في الصلاة، كالدم الّذي يكون أقل من الدرهم.
كالجورب و المنديل الصغير.
كان عليه تطهير بدنه و ثوبه، أو تبديل ثوبه.
يصبر حتّى يمكن له تطهير بدنه، و لو ضاق الوقت يطوف بحالته تلك.
صحّ طوافه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 75
صحّ طوافه حتى و إن انكشف الخلاف و علم أنّ بدنه و ثوبه كانا نجسين حال الطواف، و أمّا لو كانت الحالة السابقة معلومة بمعنى أنّهما كانا نجسين و شك في تطهيرهما، فلا يجوز له الدخول في الطواف. و لو طاف مع الشك بطل طوافه، بل يجب عليه تحصيل الطهارة ثمّ الدخول في الطواف.
فلو أمكنه تطهيره من دون أن يقطع الطواف، فليفعل، و إلّا قطع الطواف ثمّ أتمّه بعد التطهير من حيث قطع، من غير فرق بين وقت طروء النجاسة إذا كان قبل تجاوز نصف الأشواط أو بعده.
بطل طوافه، و أعاده مع صلاته.
يشترط في صحة طواف الرجل أن يكون مختونا، من غير فرق بين كونه بالغا أو غير بالغ، و الثاني بين كونه مميّزا أو غير مميّز.
صحّ إحرامه و لكن لا يصحّ طوافه مطلقا، سواء أ كان طواف الزيارة أو طواف النساء، و لو تزوج بعد البلوغ لا يجوز له الدخول بزوجته إلّا
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 76
بعد أن يكون مختونا و يأتي بطواف النساء مباشرة أو استنابة.
فطوافه صحيح.
ستر العورة من شرائط صحة الطواف، و هي ما يجب ستره في الصلاة، و لو طاف بلا ستر، بطل طوافه.
فالطواف في المغصوب منهما باطل.
و ان لم يجب عليها ذلك في حال الصلاة. و كذلك يجوز للمرأة أن تستر وجهها عند الصلاة و لكن يحرم عليها ذلك في حال الإحرام. نعم يجوز لها أن تصون وجهها من رؤية الأجنبي بشي ء لا يمس وجهها، و في الوقت نفسه يقع مانعا من الرؤية.
فلو طافت و هي عالمة بعدم سترها لشعرها و ما يجب عليها ستره، أثمت و لكن يصحّ طوافها.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 77
و خاصة فيما لو عرق بدنها و التصق الثوب به- فطوافها و صلاتها بهذا الثوب غير صحيحين.
و هو عمل واحد يجب أن يأتي به المحرم بصورة لا يخرج عن كونه كذلك، فلو شرع في الطواف عند شروق الشمس و أتمّه عند المغرب لم يصح.
إلى هنا تمّ ما يرجع إلى الطائف من الشرائط، و لنتطرق إلى كيفية الطواف و الشرائط المرتبطة بها.
الطواف مركّب من أشواط سبعة يبدأ كل شوط من الحجر الأسود، و ينتهي بالوصول إليه. و مع أنّه عمل عبادي فهو في الوقت نفسه أمر عرفي يكفي في مقام الامتثال أن يبتدأ بالطواف مقابل الحجر الأسود و ينتهي بالوصول إلى محاذاته، فإذا كرر ذلك سبع مرات، أجزأه.
و بما أنّ موسم الحج يكون مقرونا بالزحام فلا يتمكّن الطائف من تشخيص المحاذاة بالدقة، لذا يجب عليه- من باب
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 78
المقدمة العلمية- أن ينوي الطواف من محاذاة الحجر الأسود قبل أن يصل إليها.
و لا يجب تجديد النية في كل شوط.
و لو بدأ به من الركن اليماني الواقع قبل الحجر الأسود و ختم به، بطل طوافه.
صحّ طوافه، بشرط أن تكون نيّته الطواف من المكان الّذي أمر الشارع بأن يبدأ الطواف منه، و لكنّه تخيّل أنّ هذا المكان هو الركن اليماني على نحو لو عرف الواقع لاتّبعه. «1»
الشرط الثالث هو أن تقع الكعبة على يسار الطائف.
فلو شرع بالطواف من
______________________________
(1). و هذا ما يقال له في البحوث الفقهية أنّه من قبيل «الخطأ في التطبيق».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 79
الحجر الأسود على نحو معكوس- أي أن تكون الكعبة على يمينه- بطل طوافه.
أو استدبارها أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار لا يعدّ من الطواف.
و قد طاف النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم راكبا، فلا يضر وقوع الكعبة عند فتحتي حجر إسماعيل وراء الظهر، و إذا أراد أن يحتاط عند الفتحتين يمكنه أن يميل عند الفتحة الأولى مقدارا إلى جانب اليسار، و قبل الفتحة الثانية مقدارا إلى جانب اليمين، و عندئذ تقع الكعبة على يساره في جميع الأوقات.
و الأولى رعاية الاعتدال في المشي و الركوب حال الطواف.
و يجوز له قطع الطواف و تقبيل الكعبة، و لكن يجب أن يرجع إلى المكان الّذي قطع منه طوافه و يستمر في العمل.
فلو وقع إلى الامام لأجل الزحام مقدارا معتدّا به على نحو لا يمكنه
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 80
الرجوع إلى المكان الّذي دفع عنه، عندئذ يستمر بالمشي بلا نية و يدور مع الطائفين إلى أن يصل إلى المكان الّذي دفع عنه، فينوي الطواف إكمالا لشوطه السابق.
الحجر- بكسر الحاء و سكون الجيم- هو الموضع المحاط بجدار مقوّس تحت ميزاب الكعبة في الجهة الشمالية من الكعبة، و هو ليس جزءا منها، و لكن يجب إدخاله في الطواف، و للحجر فتحتان، و الناس يصلّون و يدعون اللّه فيه، و قد نقل أن الحجر مدفن إسماعيل و أمّه هاجر.
- كما إذا دخل من إحدى الفتحتين و خرج من الأخرى- بطل هذا الشوط من طوافه.
فهناك صور:
أ. لو تنبّه أثناء الطواف، يجب عليه إعادة الشوط أو الشوطين أو الأشواط الّتي طافها بهذه الهيئة، و قد مرّت كيفية الإعادة عند الخطأ في الطواف في المسألة رقم (263).
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 81
ب. لو طاف من داخل الحجر في الشوط السابع، يتداركه بنفس الكيفية السابقة.
ج. لو طاف من داخل الحجر في الأشواط المتقدمة على السابع و تنبّه بعد الطواف، فعليه أن يصلي ركعتي الطواف ثمّ يصبر قليلا من الوقت على نحو لا يصدق توالي الطوافين، و يعيد الطواف أوّلا ثمّ الصلاة ثانيا.
فإذا كان طوافه سهوا، يعيد الطواف و يصلي ركعتيه و يصح حجّه.
و إذا كان طوافه كذلك عمدا- إمّا متسامحا أو جهلا بالحكم الشرعي- فعمرته باطلة، و يتبدّل حجه إلى حج الإفراد، و وجب عليه بعد إتمام أعمال الحج، الإتيان بعمرة مفردة، و إعادة الحج في السنة التالية.
ثمّ تذكر الخطأ في كيفية طوافه، أعاد الطواف و ركعتيه و السعي و التقصير.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 82
يجب أن يقع الطواف بين الكعبة و مقام إبراهيم عليه السّلام، الّذي يقع مقابل أحد الأضلاع الأربعة للكعبة، و المسافة بينهما 12 مترا تقريبا، و على هذا يجب أن يطوف بين الكعبة و المقام في نفس الضلع، و أمّا الأضلاع الثلاثة الباقية، فيجب أن يقع طوافه عندها في نفس هذه المسافة لا أبعد منها.
و أمّا الضلع المتصل بحجر إسماعيل فالمبدأ هو جدار الحجر لا جدار الكعبة، و على هذا يكون المطاف في الجوانب الأربعة بمقدار واحد.
فعليه أن يصبر، فإذا انتهى عملهم يتمّ طوافه من حيث قطع.
فعليه أن يطوف خارج هذه المسافة مراعيا الأقرب فالأقرب و يصح طوافه و لا يجب عليه الصبر إلى أن يخلو المطاف من الزحام.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 83
لقوله سبحانه: وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ «1» و أمّا الطواف في الطابق العلوي للبيت، فإذا كان ارتفاعه دون سطح الكعبة، صحّ الطواف، و لا يصحّ إذا كان أعلى من ذلك إلّا اضطرارا، كما هو الحال في العجزة و المعوقين حيث لا يسمح لهم الطواف في أرض المسجد.
و مع ذلك، لو أمكن هؤلاء الاستنابة، فالأحوط ذلك، و لكن يجب عليهم صلاة الطواف عند المقام، إلّا إذا كانت الصلاة عنده أمرا حرجيا لهم، فتجوز إقامتها في الطابق العلوي على نحو أن يقع المقام أمامهم.
فلو مشى على أساسه أو حائط الحجر لم يجزه، و المراد من أساس البيت هو «الشاذروان» و هو عبارة عن الجزء السفلي الخارج من جدار البيت مرتفعا على وجه الأرض.
و لو طاف كذلك، يجب عليه إعادة هذا المقدار من الشوط. و قد مرّ ذكر كيفية إعادة الشوط إذا وجد فيه خلل في المسألة رقم (263).
______________________________
(1). الحج: 29.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 84
طواف الكعبة عمل واحد مركّب من سبعة أشواط، فيجب على الحاج أن يطوف بالبيت بأشواط متوالية عرفا من دون زيادة و لا نقصان.
بطل طوافه، حتّى و إن أتمّه على سبعة أشواط، لأنّه قصد خلاف ما أمر به اللّه سبحانه.
و أتمّ الطواف على سبعة أشواط صحّ طوافه. و إن أتمّه على أقلّ منها يجب عليه إكمال الأشواط بشرط بقاء الموالاة، و إلّا فيعيد الطواف. و لو أتمها على أزيد من سبعة صحّ طوافه و لا يضر الزائد، كل ذلك إذا كان ناويا امتثال الأمر الإلهي، لكنه تخيّل أن متعلق الأمر هو العدد الناقص أو الزائد. «1»
فإن كان عامدا بطل طوافه و إن أتمّ على
______________________________
(1). و هذا ما يسمى في مصطلح الفقهاء ب «الخطأ في التطبيق».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 85
سبعة أشواط. و لو نوى غفلة و سهوا أو جهلا بالحكم الشرعي، فحكمه حكم من نوى ذلك حين بدأ الطواف، و قد مرّ حكمه في المسألة السابقة.
صحّ طوافه.
يجب عليه إتمام الأشواط بشرط بقاء الموالاة، و لو فاتت الموالاة يتمّ الطواف السابق و يصلي ركعتيه، ثمّ يصبر بمقدار لا يصدق معه توالي الطوافين، و يعيد الطواف مع ركعتيه. و لو ترك العمل بما ذكرنا تكون حاله كمن ترك الطواف عمدا.
فلو تذّكر قبل فوات الموالاة يأتي ببقية الأشواط، و إن تذكّر بعد فواتها (الموالاة) فإن كان ما أتى به من الطواف أقل من نصفه يعيد طوافه، و إن كان أكثر من النصف يتمّ الطواف و يصلي ركعتيه، و الأحوط إعادته مع الصلاة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 86
فلو أمكنه الرجوع رجع إلى مكة و أتمّ الباقي من طوافه و يصلي ثمّ يعيد الطواف مع صلاته احتياطا، و في غير هذه الصورة يستنيب، و النائب يفعل ما وجب على المنوب أي أنّه أيضا يتم الطواف و يصلي ثمّ يعيد الطواف و يصلي.
هذا فيما إذا كان الفائت شوطا أو شوطين، أما لو كان أكثر من النصف فاللازم إعادة الطواف مع ركعتيه، من غير فرق بين النائب و المنوب.
فالواجب أن يؤتى به بصورة عمل واحد، أي أن لا يمتدّ العمل على طول النهار مثلا، لأنّه و الحالة هذه سوف يخرج عن كونه عملا واحدا، و الأحوط أن لا يصلي وسط الأشواط صلاة مستحبة، أو يشتغل بأعمال تنافي الموالاة عرفا.
ثمّ عليه إكمال الطواف من الموضع الّذي قطع الطواف منه، أو من محاذيه بشرط أن لا تفوت الموالاة معها، و إلّا فيعيد الطواف إذا قطعه قبل تجاوز النصف.
و يجوز قطع الطواف المستحب.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 87
(كما إذا أحدث الرجل أو حاضت المرأة)، فإن كان قبل تجاوز النصف، فعليه إعادة الطواف بعد ارتفاع العذر (و تحصيل الطهارة كما في المثالين المذكورين)، و إن طرأ بعد تجاوز النصف، يتم الطواف من الموضع الّذي قطع، بعد ارتفاع العذر (و تحصيل الطهارة).
فلو كان قبل تجاوز النصف يتوضأ و يعيد الطواف، و إن كان بعد تجاوز نصفه يتوضأ و يكمله من الموضع الّذي قطع منه الطواف أو من محاذيه.
فإن كان قبل تجاوز النصف يعيد الطواف، و إن كان بعده يتمّه من الموضع الّذي قطعه منه.
يقطع الطواف ثمّ يتمه بعد إتمام الصلاة من الموضع الّذي قطعه منه أو من محاذيه.
فإن لم تفت الموالاة يكمله و إلّا يعيد الطواف، و لو قطعه بلا عذر بعد تجاوز النصف فعليه أن يتم الطواف من الموضع الذي قطع.
و لو أراد الاحتياط يتمّ الطواف و يصلي ثمّ يعيد الطواف مع صلاته.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 88
أو أنّه طاف بعض الأشواط من داخل الحجر أو لا، إلى غير ذلك من أسباب الشك، لا يعتدّ بشكه.
بل يجب تحصيل اليقين.
و لكنّه استمرّ في عمله رجاء انكشاف الواقع ثمّ انكشف الواقع، صحّ طوافه.
فلو أنّه كان قد نوى أنّه يطوف مع الجماعة حتّى لو دفع إلى الامام صحّ طوافه عندئذ.
و لو أراد الاحتياط يعيّن الموضع الّذي دفع منه و يمشي مع الطائفين بلا نية و حينما يصل إلى نفس المكان (أو محاذيه) ينوي إكمال الشوط. «1»
فهو بعد محرم لم يخرج من الإحرام، و إن
______________________________
(1). بما أن التقهقر غير ممكن، تعيّن إصلاح الشوط بالشكل المذكور.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 89
تخيّل أنّه خرج منه، فيجب عليه اجتناب المحرمات و يعيد الطواف و صلاته و السعي و التقصير و هو مرتد لثوبي الإحرام.
لا يعتدّ بشكه.
بطل طوافه و عليه الإعادة.
بطل طوافه و يعيد، و الأفضل أن يصبر وقتا حتّى لا يصدق التوالي بين الطوافين.
و يصلي صلاة الطواف ثمّ يعيد الطواف و الصلاة. و الأفضل الفصل بين الطوافين حتّى لا يصدق التوالي.
يبني على الأقل و يكمل طوافه.
إلّا إذا استلزم البناء على الأكثر الزيادة في عدد الأشواط، مثلا إذا شك بين الثالث و الرابع بنى على الرابع، و إذا شك بين السابع و الثامن يبني على الأقل.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 90
قطع السعي و يرجع إلى المطاف فيطوف سبعة أشواط و يصلي، ثمّ يرجع إلى السعي.
فعليه أن يقطع السعي و يرجع إلى المطاف و يعمل بالشكل التالي:
إن تجاوز النصف في الطواف، يتمّ الطواف و يصلي ركعتيه ثمّ يكمل السعي و يعيده احتياطا.
و إن كان لم يتجاوز النصف، يعيد الطواف من رأس و يصلي ركعتيه و يعيد السعي، ثمّ يحتاط بإكمال سعيه السابق.
و الطواف به أيضا.
يجب عليه تقديم الطواف على السعي. أي أن يتمّ الطواف و يصلي، ثمّ يعيد الطواف و يصلي، و بعد ذلك يتوجه إلى السعي و يفعل فيه ما ذكرناه في الطواف. أي يقدم إتمام السعي على إعادته.
يتداركه
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 91
قبل الإحرام للحج، و لو تذكّر بعد الإحرام للحج يأتي بالطواف بعد الرجوع من منى فيقدم طواف العمرة على طواف الحج. و لو تذكر بعد طواف الحج جاز له قضاؤه في أي وقت شاء.
فعليه أن يستنيب في الكل و لا تصح الاستنابة في بعض الأشواط.
فإن احتمل البرء و رجوع القدرة يجب عليه الصبر حتى يطوف بنفسه، و لو لم يحتمل ذلك يطاف به على المطاف، و إن تعذّرت الإطافة به، فيستنيب.
يجب المباشرة بالطواف، و لو طرأ عليه العجز في أثناء الطواف، فإن كان قبل تجاوز النصف يستنيب، فيطوف النائب عنه سبعة أشواط.
و إن تجاوز النصف، يكمل النائب طوافه، و في كلتا الحالتين يصلي كل من النائب و المنوب عنه ركعتي الطواف.
و لو كان محلّا و لم يكن عليه ثوبا الإحرام.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 92
فيجب على النائب العمل بوظيفة المنوب عنه، مثلا، كما يجب عليه أن يطوف طواف العمرة قبل الإحرام للحج، فكذلك يجب على النائب، أن يطوف قبل إحرام المنوب عنه للحج. و أمّا لو كان معذورا في طواف الحج، يجوز للنائب أن يطوف في أي وقت شاء إلى آخر شهر ذي الحجة الحرام.
و لو نسي الطواف و رجع إلى وطنه، فيجوز للنائب أن يطوف في أي وقت شاء.
فلو كانت المرأة ذات عادة عددية، و صبرت حتّى انقضت أيّام عادتها و نقت من الدم، ثمّ اغتسلت و أتت بأعمال العمرة ثمّ رأت الدم، فلها حالتان:
الأولى: لو انقطع الدم قبل انقضاء عشرة أيّام، فالأيام الّتي رأت فيها الدم و الأوقات الّتي نقت فيها ثمّ رأت الدم كلها محكومة بالحيض، فيجب عليها إعادة أعمال العمرة.
الثانية: إذا تجاوز الدم العشرة، فأيام عادتها هي أيام الحيض،
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 93
و أمّا الأيّام الباقية فحكمها الاستحاضة. و على هذا فما أتت به من أعمال في أيّام النقاء صحيحة.
تخرج من المسجد فورا، فإذا طهرت طافت مجددا و أتمّت سائر الأعمال.
و لو ضاق عليها الوقت و لم تطهر إلى وقت الخروج إلى عرفات، ينقلب حجها إلى حج الإفراد، فتأتي بعمرة مفردة بعد أعمال الحج.
و إن حاضت بعد تجاوز النصف و لم تطهر إلى أن ضاق الوقت إلى الخروج إلى عرفات، تأتي ببقية أعمال العمرة كالسعي و التقصير و تحرم للحج، فإذا رجعت من منى تكمل طواف العمرة مع صلاته أوّلا ثمّ تأتي بأعمال الحج.
فلو طهرت و كان الوقت متسعا، يجب عليها الطواف و صلاته و السعي، و لو لم تطهر أو طهرت و لكن ضاق الوقت، ينقلب حجها إلى حج الإفراد، فتأتي بعمرة مفردة بعد أعمال الحج.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 94
فلو طهرت قبل الإحرام للحج، تعيد الطواف و الصلاة و السعي و التقصير. و إن ضاق الوقت، ينقلب حجها إلى حج الإفراد فتأتي بعمرة مفردة بعد أعمال الحج.
فلو طهرت و كان الوقت متسعا للإتيان بأعمال العمرة، تأتي بها تماما، و لو ضاق الوقت، ينقلب حجها إلى حج الإفراد فتأتي بعمرة مفردة بعد أعمال الحج.
و لكنّها علمت عند السعي أنّها حائض بعد، فعليها أن تعمل بوظيفة من أتت بجميع الأعمال حائضا، و قد تقدّم حكمها.
فإن رأت الدم بعد تجاوز النصف من الأشواط، يجب عليها تجديد الوضوء و تطهير البدن و الثوب و إتمام الطواف و الإتيان بصلاته.
و لو رأته و لم تتجاوز النصف، وجب عليها الوضوء و تطهير البدن و الثوب و إعادة الطواف من رأس مع الإتيان بركعتيه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 95
كفى غسلها للطواف أيضا، و يجب عليها الوضوء فقط، سواء انقطع الدم بعد الاغتسال إلى آخر الصلاة أم لم ينقطع، و الأفضل أن تغتسل غسلا آخر للطواف و الصلاة.
العمل الثالث من أعمال العمرة هو صلاة ركعتين بعد الطواف عند مقام إبراهيم، و كيفيتها كصلاة الصبح.
(الّتي فيها آية السجدة)، و الأفضل أن يقرأ بعد الحمد في الأولى سورة الاخلاص و في الركعة الثانية سورة «قُلْ يٰا أَيُّهَا الْكٰافِرُونَ».
و لذلك يكون الشك في الركعتين الأوليين مبطلا، و الظن معتبر فيهما.
فتجوز القراءة بكلّ منهما.
فإذا فرغ من الطواف يبادر إلى صلاته صيانة للموالاة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 96
و ما ورد في بعض الروايات من إتيانها خلف المقام أريد به عدم تجاوز المقام على نحو يكون المقام خلفه.
يأتي بها في أقرب موضع للمقام سواء أ كان ذلك الموضع خلف المقام أم في أحد جانبيه، و مع وجود الموضع الأقرب إلى المقام لا يجوز له إتيانها في الموضع الأبعد، و لا يجب عليه الصبر حتّى يخلو المقام، بل ربما يؤدي الصبر إلى فوات الموالاة.
لو نسي صلاة الطواف، يصلي عند المقام حيثما يتذكّر على التفصيل الآتي:
يصلي عند المقام حيثما تذكّر و لا يعيد ما أتى به من الأعمال.
و إن غادر مكة و أمكنه الرجوع إليها، رجع و صلّى صلاة الطواف، و لو كان الرجوع حرجيا، يصلّي أينما تذكّر.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 97
و لو كانت قراءته ملحونة و ضاق الوقت عن التعلم، يقرأ بتلقين الغير، و لو لم يتيسّر له ذلك، يقرأ بما أمكنه و يستنيب احتياطا.
يجب عليه الصبر حتّى تتم الجماعة ثمّ يصلي لدى المقام، و الفاصل الزماني حينئذ لا يضر بالموالاة. و لو لم يتمكّن من الصلاة لدى المقام يختار أقرب المواضع إليه.
ثمّ أنّها لم تطهر من الحيض إلى وقت الخروج إلى عرفات، فعليها أن تحرم للحج و تذهب إلى عرفات و منى و بعد أن ترجع إلى مكة، تصلي صلاة طواف العمرة قبل طواف الحج، ثمّ تطوف طواف الحج.
و لو سبّبت رعاية هذا الشرط
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 98
الحرج أو استلزمت فوات الموالاة بين الطواف و الصلاة، فلا تجب رعايته.
يستحب الطواف بالبيت كل الأيّام و طول السنة.
سواء أ كانوا أحياء أم أمواتا، غير أنّه يشترط في الطواف عن الأحياء أن لا يكونوا متواجدين في مكة، و لو كانوا متواجدين أن يكونوا معذورين.
إلّا أنّه لا يشترط فيه الطهارة من الحدث الأصغر، و يجوز إتيان صلاته في أي موضع من مواضع المسجد.
و لو طاف قبل الصلاة يغني عن صلاة التحية.
يبني على الأقل.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 99
و لو أنّه طاف فليجدّد التلبية.
السعي بين الصفا و المروة هو العمل الرابع من أعمال العمرة، و الصفا جزء من جبل أبي قبيس، و كان متصلا به، كما أنّ المروة جزء من جبل قيقعان على ما في تهذيب النووي. «1» و كانا متصلين بالأصل غير أنّ التغييرات الحاصلة عبر الزمان فصلتهما عن الأصل، فقد أحدث ممرّ و معبر وراء الجبلين.
و المسعى عبارة عن الوادي بين الجبلين، المعروف بوادي إبراهيم عليه السّلام. ففي صحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال: «فاصعد على الصفا حتّى تنظر إلى البيت» و ذلك يدل على أنّ المسعى كان أخفض من الجبل، و قد صنعوا في زمن الخلافة العباسية درجا للصعود على كلا الجبلين، و قد أزيلا منذ قرون و جعل مكانهما الطريق المرتفع من كلا الجانبين ليسهل الصعود عليهما.
يبلغ المسعى (بين الجبلين) طولا 400 متر، و عرضا 20 مترا.
______________________________
(1). الجواهر: 19/ 421.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 100
و يحسبه شوطا، و يرجع من المروة إلى الصفا و يحسبه شوطا ثانيا إلى أن يتم سبعة أشواط، مبتدئا بالصفا و مختتما بالمروة.
و لو قدّمه على الطواف أو على صلاته بطل سعيه، و وجب إعادته بعد الطواف و صلاته.
و لا يكفي السعي في الطابق العلوي، لأنّه أعلى من رأسي الجبلين، فلا يصدق أنّه سعى بين الصفا و المروة. و لو تعذر السعي على الأرض جاز له السعي في الطابق العلوي.
و هكذا العكس، و مع ذلك لا يضر النظر إلى اليمين و اليسار، و يشترط أن يكون السعي على النحو المتعارف لا على نحو التقهقر.
و مع ذلك تجوز الاستراحة في أثناء الشوط أو بين الأشواط.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 101
يجوز له تأخير السعي إلى الليل بشرط أن يفرغ منه قبل طلوع الفجر.
إلّا أن يكون مع القصد و خالصا للّه سبحانه منزّها عن الرياء و السمعة.
فلو تركه عمدا تبطل عمرته، أو زاد فيه عمدا كذلك إلّا أن يتدارك قبل فوات الوقت.
ينقلب حجه إلى حج الإفراد فيأتي بعد إحرام الحج و أعماله، بعمرة مفردة.
فلو كان في مكة يكمل سعيه، و لو غادر مكة و كان الرجوع ميسورا يرجع و يكمله، و أمّا لو كان الرجوع حرجيا، فعليه أن يستنيب، و النائب يكمل السعي ثمّ يعيده من رأس.
و لو نسي الباقي بعد شوط أو أشواط، يكمل سعيه حينما يتذكّر، و الأحوط استحبابا أن يعيد السعي إذا نسي بقية الأشواط قبل تجاوز النصف.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 102
و لو شك في صحة الشوط الّذي أتمه، لا يعتني بشكّه.
لا يعتدّ بشكّه.
و مثله سائر الصور كما إذا شك و هو في طريقه إلى المروة أنّه الشوط الثالث أو الخامس.
(كما إذا شك بين الخامس أو السابع)، يستمر في العمل رجاء حصول اليقين بأحد الطرفين، فإذا حصل اليقين، صحّ سعيه، و إلّا بطل.
أو لا يعتدّ بهذا الشوط الزائد و يعيد السعي.
و لا يجوز تأخيره إلى الغد، و لو أخّره إلى الغد، يجب عليه
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 103
إعادة الطواف و صلاته، و لو أخّره لعذر كالمرض و التعب المفرط، فلا تجب إعادة الطواف و صلاته.
(بأن يحدث مسعى جديد في الجانب الشرقي، للذهاب من الصفا إلى المروة، و يخصص المسعى القديم للرجوع من المروة إلى الصفا، جاز السعي فيه، لأنّ المسعى كان أوسع ممّا هو اليوم عليه. «1»
و لا يجب الجلوس عليهما و لا إلصاق الأعقاب بهما. حتّى أنّ الطريق المرتفع ليس من المسعى بل هي محل الدرج الّذي كان قد بني في عصر العباسيين، فالسعي من الموضع المستوي يكفي و إن كان الاحتياط ضمّ شي ء من الطريق المرتفع إلى جانب الجبل.
فعليها- كما قلنا- أن تستنيب للطواف إذا ضاق الوقت، لكن عليها أن تسعى بنفسها، لأنّ المسعى ليس بمسجد.
______________________________
(1). كتبنا رسالة في «توسعة المسعى» أوضحنا فيها أنّ المسعى كان أعرض ممّا هو عليه اليوم و كان هناك امتداد لجبلي الصفا و المروة إلى الجانب الشرقي من المسعى، و قد طرأت عليه التغييرات فيما بعد. و من أراد المزيد فعليه الرجوع إلى الرسالة المذكورة أعلاه المطبوعة في آخر كتاب الحج في الشريعة الإسلامية الغراء ج 5.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 104
نعم يجب أن تبدأ السعي بعد أن يطوف النائب عنها.
إذا كانت في مكان لا يتيسّر لها فيه الوصول إلى المسعى إلّا باجتياز المسجد الحرام. و لو اجتازته و سعت، أثمت، و لكن صحّ سعيها.
أي أن يراعي فيه الموالاة بين الأشواط، بنحو لا تكون فيه الفاصلة الزمنية بين الأشواط كبيرة.
و لكن يجب على القادر أن يقوده بنفسه، و يجوز للعاجز أن يستعين بغيره لقيادته.
وجب عليه أن يعود و يسعى بالشكل العادي.
و لكن صحّ سعيها.
فلو كان مميّزا، فعليه إصلاح سعيه بنفسه بعد تذكير الآخرين له، و إن كان غير مميز، يتداركه وليّه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 105
و لو كان في بدايته يقظا و لكنه نام في أثناء السعي يعيد المقدار الّذي كان فيه نائما. و أمّا غير المميز فيصحّ سعيه و إن كان نائما، و على كل تقدير يجب أن يكون وجه الطفل حال السعي مقابلا للصفا و المروة.
يجب عليه أن يرجع إلى الموضع الّذي عاد منه إلى الوراء بلا نيّة السعي. و لو رجع بنيّة السعي، بطل سعيه للزيادة.
و لو نسي بعد التجاوز يكمل الباقي متى تذكّر. و لو كان في عمرة التمتع، يجب عليه الإكمال قبل الإحرام للحج.
يجب عليه أن يتدارك النقيصة ثمّ يقصّر.
فلو كان الفاصل الزماني بين السعيين كبيرا بحيث لا يصدق التوالي بين السعيين، صحّ سعيه الثاني، و إلّا يجب عليه إعادة السعي بالشرط المذكور.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 106
التقصير- بمعنى أخذ الشعر من الرأس و اللحية- هو العمل الخامس من أعمال العمرة، و به تتم أعمالها و يخرج المعتمر من الإحرام، و يكفي في ذلك أخذ شي ء من الشارب أو اللحية أو الرأس، و لو أراد التقصير بتقليم الأظفار يقدّم تقصير الشعر على التقليم.
و لا يجوز الحلق بدله.
بل لا يكفي نتف الشعر من الرأس و اللحية و الشارب.
يجب أن يكون مقرونا بالقصد و القربة.
و ليس له مكان خاص، فإذا فرغ من السعي، فله أن يقصّر في أي مكان شاء حتّى المنزل أو الفندق.
فلو تركه عمدا
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 107
إلى أن ضاق الوقت للإحرام للحج، تبطل عمرته و ينقلب حجه إلى حج الإفراد، و عندئذ يجب عليه بعد الإتيان بأعمال الحج، أن يأتي بعمرة مفردة، و يستحب له إعادة الحج في السنوات المقبلة.
صحّت عمرته، و يستحب له التكفير بدم شاة.
فهناك فروض ثلاثة:
1. لو قصّر بعد ما سعى ستة أشواط، يجب عليه إكمال السعي و ليس عليه إعادة التقصير إلّا إذا أراد الاحتياط.
2. لو علم أنّه قصّر بعد أن أتى بأربعة أشواط، يجب عليه إكمال السعي و إعادة التقصير.
3. لو علم أنّه قصّر قبل أن يأتي بأربعة أشواط، يجب عليه إكمال السعي و إعادته مع إعادة التقصير.
و لو شك في أصل التقصير، يجب عليه التقصير.
________________________________________
تبريزى، جعفر سبحانى، مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، در يك جلد، مؤسسه امام صادق عليه السلام، قم - ايران، اول، 1428 ه ق مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)؛ ص: 107
فيجوز لغيره أن يقصّر شيئا من شعره بعد أن ينوي، و لكن المحرم ما لم يقصّر عن نفسه لا يجوز له أن يقصّر للآخرين.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 108
حلّت له كل المحرمات، حتّى الزوجة، و لكن من أتى بعمرة التمتع لا يجوز له الخروج من مكة و توابعها إلّا أن يحرم للحج، و عندئذ يجوز له الخروج من مكة و توابعها. و على كل تقدير، يبقى على إحرامه إلى أن يأتي بأعمال الحج.
فلو تمتعوا بالعمرة و أرادوا الخروج إلى عرفات لأجل تهيئة بعض الحاجات، يجب عليهم الإحرام للحج ثمّ مغادرة مكة إلى عرفات و غيرها، إلّا إذا كان الإحرام عملا حرجيا لهم، فيجوز لهم الخروج من دون إحرام، و مع ذلك لو علموا بأنّهم لو خرجوا بلا إحرام ضاق عليهم الوقت للإحرام للحج، فلا يخرجوا إلّا و هم محرمون.
و لا يجوز الخروج إلى غار ثور، لأنّه ليس من توابع مكة.
و لا يضرّ ذلك بعمرته و لا حجّه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 109
يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام، و واجبات الحج ثلاثة عشر، هي كما يلي:
1. الإحرام من مكة على تفصيل يأتي.
2. الوقوف في عرفات بعد الزوال من ظهر اليوم التاسع إلى المغرب. و تقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.
3. الوقوف في المزدلفة يوم العيد (الأضحى) من الفجر إلى طلوع الشمس. و تقع المزدلفة بين عرفات و مكة.
4. رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد. و تقع منى على بعد فرسخ واحد تقريبا من مكة.
5. النحر أو ذبح الهدي في منى يوم العيد.
6. الحلق أو التقصير في منى، و بذلك يحلّ له ما حرّم عليه من جهة الإحرام، ما عدا النساء و الطّيب.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 110
7. طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.
8. صلاة الطواف.
9. السعي بين الصفا و المروة، و بذلك يحلّ له الطّيب أيضا.
10. طواف النساء.
11. صلاة طواف النساء، و بذلك تحلّ له النساء أيضا.
12. المبيت في منى ليلة الحادي عشر، و ليلة الثاني عشر بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور، كما سيأتي.
13. رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر، بل في اليوم الثالث عشر أيضا فيما إذا بات المكلّف هناك على الأحوط.
و أفضل أوقاته يوم التروية (اليوم الثامن من ذي الحجة الحرام) و يجوز التقدّم عليه بثلاثة أيام، و يتضيّق وقت الإحرام فيما إذا استلزم تأخيره فوات وقت الوقوف بعرفات يوم عرفة.
إلّا أنّ الأفضل، الإحرام من المسجد الحرام، و بالأخصّ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 111
مقام إبراهيم أو حجر إسماعيل عليهما السّلام، و لا دليل على خصوصية الإحرام تحت الميزاب.
إلّا أنّهما يختلفان في النيّة. فمن أراد الإحرام لحج التمتع يغتسل و يلبس ثوبي الإحرام في الموضع الّذي يحرم منه و يصلي ركعتين ثمّ يلبّي بنية إحرام الحج، فتحرم عليه عامة المحرّمات الّتي مرّ ذكرها في عمرة التمتع.
بطل حجّه.
فلو تذكّر قبل الوقوف بعرفات يرجع إلى مكة و يحرم من هناك ثمّ يعود إليها، و لو كان الرجوع غير ميسور أو حرجيا، يحرم من الموضع الّذي تذكّر فيه، و إن كان ذاك الموضع هو عرفات فيلبس ثوبي الإحرام و يلبّي ثمّ يقول: «اللهم على كتابك و سنة نبيك»، و لو تذكّر و هو في المشعر الحرام يحرم من الموضع الّذي تذكر و يلبّي مع الذكر المذكور آنفا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 112
عرفات، أرض وسيعة يبلغ عرضها (6) كيلومترات، و طولها (13) كيلومترا، و قد حدّدت حدودها بعلائم و لوحات إرشادية واضحة كتب عليها (بداية عرفات، نهاية عرفات)، فعلى المحرم ألا يتجاوز هذه الحدود، و أن يجتنب الوقوف في أرض «عرنة» و «نمرة».
و تعيين نوع الوقوف، و انّه لحج التمتع أو للقسمين الآخرين: حج الإفراد و حج القران.
لكن يكره الوقوف عليه. نعم يستحب الوقوف في السفح من ميسرة الجبل. كما دعا فيه الإمام الطاهر الحسين بن علي عليهما السّلام، يوم عرفة دعاءه المعروف.
نعم يجوز تأخير الوقوف إلى ما بعد الظهر بمقدار إقامة صلاة الظهر و العصر في مسجد «نمرة».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 113
إلّا أنّه ليس من الأركان، بمعنى أنّ من ترك الوقوف مقدارا من هذا الوقت لا يفسد حجّه، فما هو الركن منه، هو الوقوف في الجملة. نعم لو ترك الوقوف كل الوقت باختياره، بطل حجّه.
بل الواجب هو التواجد هناك، فيجوز له أن ينام أو يجلس أو يمشي، غير أنّه يجب أن يكون قبيل الظهر يقظا حتّى ينوي الوقوف فيها.
فيجوز الوقوف بها للجنب و الحائض.
1. اختياري، و يمتدّ- كما قلنا- من ظهر اليوم التاسع إلى الغروب الشرعي منه.
2. اضطراري، و يمتدّ من الغروب الشرعي إلى طلوع الفجر من اليوم العاشر (يوم العيد)، فمن فاته الوقوف في الوقت الاختياري لعذر- كالنسيان و ضيق الوقت و نحوهما- وجب عليه الوقوف في الوقت الاضطراري، و لو تركه عامدا، بطل حجّه.
و الواجب من الوقوف في الوقت الاضطراري، هو التواجد هناك، و لو لوقت قليل.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 114
«1» وجب عليه الذهاب إلى منى و منها إلى المشعر ليدرك الوقوف في الوقت الاختياري بالمشعر.
فلو أفاض منها عمدا يجب عليه العود إلى عرفات، و إن لم يرجع أثم و يكفّر ببدنة، و إن لم يتمكن، يصوم ثمانية عشر يوما، و يجوز له الصوم في مكة و في طريقه إلى الوطن.
يجب عليه العود إلى عرفات، و إن لم يعد، يكفّر ببدنة احتياطا.
الوقوف بالمزدلفة هو الواجب الثالث من واجبات حج التمتع. و المزدلفة اسم آخر للمشعر الحرام، و تقع بين عرفات و منى، و قد حدّدت حدود المشعر بعلائم و لوحات إرشادية.
______________________________
(1). الوقوف الاختياري للمشعر هو الوقوف بالمزدلفة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم العيد.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 115
و تعيين نوع الوقوف و أنّه لحج التمتع أو للقسمين الآخرين.
اختياري و اضطراري، غير أنّ للاختياري نوعا واحدا و للاضطراري نوعين، و بيانه كما يلي:
أ. الوقت الاختياري، و يمتدّ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من صباح اليوم العاشر من ذي الحجة الحرام، و هو فرض غير المعذورين.
ب. الوقت الاضطراري الليلي، و هو ليلة العاشر في الجملة، إذ يجوز فيه الوقوف للنساء و الأطفال و الشيوخ، و لمن له عذر كالخوف و المرض، و لمن ينفر بهم و يراقبهم و يمرّضهم، على أن لا يخرجوا من المشعر قبل منتصف الليل.
ج. الوقت الاضطراري النهاري يمتدّ من طلوع الشمس في اليوم العاشر إلى منتصف النهار، فكل من لم يتمكن من درك الوقوفين السابقين، يجب عليه الوقوف بالمشعر بين الوقتين في الجملة، ثمّ يرجع إلى «منى» للرمي و ما يليه من الأعمال.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 116
جاز له التوجه إلى منى بشرط أن لا يخرج من المشعر قبل طلوع الشمس و لا يدخل في وادي محسّر.
و لكن الركن منه هو الوقوف في الجملة، فمن ترك الوقوف كليّة، بطل حجّه.
و أن يذكر اللّه كثيرا، كما قال سبحانه: فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرٰامِ وَ اذْكُرُوهُ كَمٰا هَدٰاكُمْ «1».
يجب عليه إعادة الحج احتياطا في السنة التالية.
الرابع من واجبات الحج، رمي جمرة العقبة يوم النحر، و الجمرة هي مجتمع الجمار الصغار، و العقبة هي الطريق في أعلى
______________________________
(1). البقرة: 198.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 117
الجبل. و هي أقرب إلى مكة من الجمرتين الأخريين. و يقتصر في يوم النحر على رمي هذه الجمرة فقط، و أمّا خلال اليومين التاليين (الحادي عشر و الثاني عشر) فيجب رمي الجمرات الثلاث، كما سيأتي تفصيله.
1. أن تكون الحصيات أحجارا، فلا يكفي الرمي بسائر الأجسام.
2. أن يأخذ الحصيات من الحرم و الأفضل أخذها من المشعر.
3. أن تكون أبكارا بمعنى أنّها لم تكن مستعملة في الرمي قبل ذلك.
4. أن تكون صغيرة الحجم، بمقدار الأنملة.
5. أن تكون الحصيات مباحة، فلا يجوز الرمي بحصيات الغير إلّا مع إجازته.
6. أن يكون عددها سبع حصيات.
أي حصاة بعد حصاة فلا يكفي الرمي دفعة واحدة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 118
و الّذي عيّن في السابق بالأسطوانة الّتي كانت محاطة بحوض صغير، و يوجد الآن محلّ هذه الاسطوانة جدار مرتفع، يناهز طوله (8) أمتار تقريبا، فإن علم بوضوح اتجاه الأسطوانة، فعلى المحرم أن يرمي هناك، و إلّا فيكفي رمي الجدار في أي موقع منه.
فلو منعه الزحام من ذلك يجزي الرمي من الجهة الأخرى. و ما ورد في بعض الروايات قوله عليه السّلام: «فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من أعلاها» فهو ناظر إلى ما ذكرنا من أنّ الرامي يجب أن يكون مخالفا للقبلة و مواجها للجمرة.
كما يستحب أن تكون الحصيات طاهرة.
و الملاحظ أنّ الزحام يشتد على الجمرة عند الصباح، و يخفّ في الفترة الّتي تمتد من الظهر إلى الغروب، و لذا يمكن لمن خاف الزحام أن يختار هذه الفترة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 119
و لذا يجوز لهم رمي جمرة العقبة متى ما وصلوا منى، حتّى و إن لم تشرق الشمس.
تجب عليه المباشرة بنفسه، و لا تجوز له الاستنابة، نعم تجوز الاستنابة للمرضى و العجزة و من يشقّ عليه الرمي.
إلّا في الحصاة السابعة فيجوز له تأخيرها إلى آخر النهار.
يجب عليه إكمال الباقي في ذلك اليوم، و أمّا لو رمى أقل من أربع حصيات ثمّ ترك الباقي فإذا تذكّر يجب عليه إعادة الرمي.
يتداركه إلى اليوم الثالث عشر.
و هو في مكة يتداركه بنفسه، ثمّ يقضي في السنة الآتية بنفسه، أو يستنيب من يقضي عنه.
و لو تذكّر بعد خروجه من مكة، قضاه في السنة الآتية و لو بالاستنابة احتياطا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 120
لا يعتدّ بشكه هذا.
يجب أن يرمي بغيره ممّا يطمئن بأنّه من جنس الحجارة.
يجب عليه الرمي إلى أن يحصل اليقين بالسبع.
و لو شك في الزيادة فلا يعتد بشكّه.
يجب عليه الرمي بعد غروب اليوم العاشر.
و الأفضل أن يكون راجلا.
الذبح أو النحر هو الواجب الخامس من واجبات حج التمتع، فمن حج حج التمتع، فعليه ذبح الهدي، و الهدي يجب أن
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 121
يكون إحدى النّعم الثلاث؛ الإبل أو البقر أو الغنم، و لا يجزي غيرها من الحيوانات.
و الأفضل في القسم الثالث هو الكبش.
أ. السنّ: إذ يعتبر في الإبل الدخول في السنة السادسة، و في البقر الدخول في الثالثة، و المعز كالبقر، و في الضأن الدخول في الثانية، فلو وقف بعد الذبح أنّ الهدي كان أقل سنا ممّا ذكر، يعيد الهدي.
ب. الصحة و السلامة: يشترط في الهدي أن يكون صحيحا، فلا يجزي المريض الّذي يسري مرضه إلى اللحم و يسبّب مرض من يأكله.
ج. كمال الخلقة: يشترط أن يكون الهدي كامل الخلقة و خاليا من العيوب، فلا يكفي الناقص كالخصيّ و هو الّذي أخرجت خصيتاه، و لا مرضوض الخصيتين، و لا الخصي في أصل الخلقة، و لا مقطوع الذنب، و لا مقطوع الأذن، و لا يكون قرنه الداخل مكسورا، و لا الأعمى، و لا الأعرج إذا كان عماه و عرجه واضحا. و لا بأس بشقاق الأذن و ثقبه، و لا يكفي ما ابيضّت عيناه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 122
لعدم كونه عيبا في نوعه.
سواء أوجد في ظهره شحم أم لا.
ثمّ تبيّن أنّها كانت هزيلة، يجزي، و لا يحتاج إلى الإعادة.
يجزي.
ثمّ تبيّن أنّه كامل الخلقة و غير ناقص، يجزي.
لا يعتدّ بشكه إذا تفحّص عند الذبح.
نعم يجوز للمعذور تأخيره إلى غروب اليوم الثالث عشر.
و لو لم يتمكن المعذور من الذبح إلى هذا الوقت يجوز له تأخيره
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 123
إلى آخر الشهر، و مع ذلك فعليه الرمي يوم الحادي عشر و الثاني عشر و إن تأخر الذبح.
فليس له الذبح في ليلة اليوم الحادي عشر بل يجب الذبح في نهار اليومين الآخرين.
نعم لو لم يتمكّن من الهدي إلى غروب اليوم الثالث عشر يحلق أو يقصّر، و يمتد وقت الهدي إلى آخر شهر ذي الحجة الحرام.
أوجب الشارع أن تكون منى هي مكان الذبح و النحر، و حدّ هذا الموضع- طولا- من جهة مكة المكرمة، جمرة العقبة الّتي بايع الأنصار عندها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و من جهة المزدلفة وادي محسّر، أما عرضها فعرض الوادي المحصور بين الجبال الشاهقة و يبلغ 637 مترا، و ليس وادي محسّر من منى بل هو من حدودها.
و قد كان المسلخ في السنوات السابقة في نفس منى، إلّا أن
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 124
الحكومة نقلته إلى وادي محسّر الّذي هو خارج عن أرض منى، و أخيرا نقلته إلى وادي معيصم، و بين منى و وادي معيصم تلّ يخترقه نفق. و بما أنّ الذبح في أرض منى أمر غير ميسور، فيجزي ذبح الهدي في المكان المعدّ حاليا لذلك.
فلا يجوز أن يشترك اثنان أو أكثر في هدي واحد مع الاختيار، و أمّا عند الضرورة فالأحوط الجمع بين الاشتراك في الهدي و الصوم المكتوب على غير الواجد.
أ. النية.
ب. أن يذبح ناويا لنفسه أو لغيره إذا كان نائبا، و أن يكون الذبح لحج التمتع.
ج. الإخلاص و قصد القربة.
بشرط أن يكون المحرم هو الناوي على النحو المذكور، و يكون الغير قائما بالذبح فقط.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 125
و قام النائب بذلك، ثمّ شك في أنّ النائب هل قام بالعمل صحيحا أو لا، لا يعتدّ بشكه حملا لعمل المسلم على الصحّة.
و أمّا لو شك في أنّه هل ذبحه أو لا؟ وجب عليه تحصيل الاطمئنان بالذبح.
و يجب عليه أن ينوي أو يذكر عند كل ذبح اسم من ينوب عنه. فإذا لم يعلم خصوصية الهدي من أنّه لحجة الإسلام أو لغيرها ينوي ما في ذمة المنوب عنه.
و أمّا لو ذبح بلا وكالة و لا إذن عن شخص فلا يجزي.
كما يجوز له أن ينوب عن الآخرين، و الأولى أن يذبح عن نفسه ثمّ ينوب عن الآخرين.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 126
يقسّم الهدي إلى ثلاثة اقسام:
1. أن يعطي أحدها للفقير المؤمن صدقة.
2. و يعطي ثلثه الآخر للمؤمنين هدية.
3. و أن يأكل من الثلث الباقي.
و الأوّل منها واجب، و الأخيران مستحبان، و لا يجب إعطاء ثلث الهدي للفقير نفسه بل يجوز إعطاؤه لوكيله و إن كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي. و يتصرّف الوكيل فيه حسب إجازة موكّله من الهبة أو البيع أو الإعراض.
هذا، و أمّا اليوم فإنّ جميع ما يذبح، يرسل إلى الفقراء، فلا يبقى موضوع لهذا التقسيم.
يجب أن يصوم عشرة أيام، ثلاثة منها في الحج (في اليوم السابع و الثامن و التاسع من ذي الحجة)، و سبعة بعد وصوله إلى وطنه، و الأحوط أن تكون السبعة متوالية.
فعليه أن يصبر حتّى يرجع أصحابه إلى بلدهم، أو يمضي شهر من
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 127
يوم النحر ثمّ يصوم الأيام السبعة بعد ذلك.
بل يكفي أن تكون من أحد الفلزات، بشرط أن تكون حادّة لئلّا تؤذي الحيوان.
الحلق أو التقصير هو الفريضة السادسة من أعمال الحج، و العمل الثالث من أعمال منى.
1. الصرورة، و هو من يحج للمرة الأولى في عمره، سواء أ كان عن نفسه أم عن غيره، و سواء أ كان مستحبا- كما إذا حج و هو غير مستطيع- أم واجبا.
2. من يحج حجة الإسلام، و إن حجّ قبله حجا استحبابيا أو نيابيا.
3. من عقص شعر رأسه و عقده بعد جمعه و لفّه.
ففي غير هذه الموارد الثلاثة، يتخيّر بين الحلق و التقصير.
و لا يجوز لهن الحلق.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 128
و لا يكفي حلق البعض.
فيجب فيه القصد و القربة، و تعيين نوع العمل، هل هو لحجة الإسلام أو لغيرها.
بل يمكن أن يقوم بهما غيره بشرط أن لا يكون الغير محرما، أو كان قد حلق أو قصّر من قبل.
فمن لم يتمكّن منهما، يحلق أو يقصّر في غير منى و يبعث بشعره إلى منى، فعلى من يحلق أو يقصّر في المسلخ الحالي، فبما أنّه خارج عن منى، يجب عليه إعادة التقصير أو إمرار الموسى على رأسه في منى.
يجب عليه تأخير الحلق أو التقصير إلى اليوم الثالث كما مرّ في المسألة (432).
و لا يكفي أخذ الشعر من المواضع الأخرى.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 129
و لا يكفي النتف.
أو بماكنة الحلاقة الّتي تقطع الشعر من أصله بحيث يعد في العرف حلقا.
يكفيه إمرار الموسى على رأسه.
يجب أن يقصّر مكان إمرار الموسى على رأسه.
يجب أن يرجع إلى منى فيحلق أو يقصّر.
فيرمي أوّلا، ثمّ يذبح، ثمّ يحلق أو يقصّر. فلو أتى بأعماله خلاف الترتيب جهلا بالحكم الشرعي أو نسيانا له، صحّ عمله؛ و أمّا لو خالف الترتيب عامدا، فتجب عليه الإعادة لتحصيل الترتيب.
مثلا: لو رمى أوّلا ثمّ قصّر ثمّ ذبح، يجب عليه إعادة التقصير فقط. و لو ذبح ثمّ رمى ثمّ قصّر، يجب عليه إعادة الذبح و التقصير.
فإن كان
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 130
جاهلا بالمسألة فليس عليه كفارة، و لو كان عامدا تجب عليه الكفارة.
يجب عليه حلقه.
يجب عليه الحلق، لأنّ الحج الأوّل لم يكن حجة الإسلام.
حلّت له محرمات الإحرام إلّا النساء و الطّيب، فإذا ذهب إلى مكة و طاف و سعى، حلّ له الطيب، و أمّا النساء فتحلّ له بعد أن يطوف طواف النساء.
و أمّا الصيد و قلع النبات في الحرم، فلا يحلّان لا للمحرم و لا للمحلّ.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 131
إذا أتمّ أعمال منى، يرجع إلى مكة، و يأتي بالواجبات التالية:
1. طواف الحج أو طواف الزيارة.
2. صلاة الطواف عند مقام إبراهيم عليه السّلام.
3. السعي بين الصفا و المروة.
4. طواف النساء.
5. صلاة طواف النساء عند مقام إبراهيم عليه السّلام.
و يستحب عدم تأخير هذه الأعمال عن اليوم الحادي عشر، و إن جاز التأخير إلى آخر شهر ذي الحجة الحرام.
و قد مرّ شرح هذه الأعمال في فصل عمرة التمتع، فلا حاجة إلى الإعادة.
فلو خالف الترتيب، تجب عليه الإعادة على نحو يحصل معها الترتيب، مثلا لو قدّم السعي على الطواف تكفي إعادة السعي.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 132
فمن تركهما عمدا إلى آخر شهر ذي الحجة الحرام، فسد حجه و إن تركهما أو أحدهما نسيانا يقضي بعد خروج الشهر بالمباشرة، و إن لم يتمكّن يستنيب.
بل يعمّ النساء، حتّى أنّ من فاته طواف النساء و مات، تجب الاستنابة عنه و تخرج أجرة النيابة من أصل التركة.
فلو قدّمه على السعي عمدا، بطل طوافه، و تجب عليه الإعادة. و لو قدّمه سهوا أو جهلا بالحكم الشرعي، تستحب الإعادة.
بحيث لا تكون الفاصلة بينها كثيرة، على نحو ما ذكرناه في عمرة التمتع.
نعم يجوز تأخير طواف النساء إلى آخر ذي الحجة الحرام. بل يجوز تركه بتاتا و لكن تحرم عليه النساء، دخولا و تمتعا، بل لا يجوز له التزويج.
يجب عليه الإتيان به، و لو لم يتمكّن يستنيب
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 133
في الطواف و صلاته، و لو شك في إتيانه بعد خروج الشهر لا يعتدّ بشكّه.
و سيأتي تفصيلها في الفصل العاشر.
تحرم على النائب زوجته، فعليه أن يطوف بنفسه أو يستنيب، و لو مات تخرج أجرة النيابة من التركة، إلّا أن زوجة المنوب عنه لا تحرم عليه.
صحّ طوافها إذا حاضت بعد السعي، و أمّا لو بقيت على الطهر تعيد الطواف و صلاته.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 135
يجب على الحاج المبيت في منى ليلة الحادي عشر و الثاني عشر، و يعتبر فيه قصد القربة، فمن خرج إلى مكة يوم العيد لأداء الطواف و السعي، وجب عليه الرجوع إلى منى للمبيت فيها.
بل يكتفي بأحد الأمرين التاليين:
أ. التواجد في منى إلى نصف الليل ثمّ يخرج منها إلى مكة، أو إلى ما شاء.
ب. لو لم يكن في منى في النصف الأوّل من الليل، وجب عليه الحضور إلى منى قبل طلوع الفجر.
يجب أن يكون مقرونا بالقصد و الإخلاص.
يجب عليه التكفير بدم شاة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 136
بل يجوز له الذبح بعد الرجوع إلى وطنه.
و لا يجوز الخروج قبله، و من لم يخرج إلى أن غربت الشمس، وجب عليه المبيت فيها.
أ. من صاد في حال الإحرام، سواء أ كان إحرام عمرة التمتع أو إحرام الحج.
ب. من جامع في حال الإحرام زوجته.
ج. من بقي في اليوم الثاني عشر في منى إلى أن غربت الشمس، كما مرّ.
يجب عليه احتياطا المبيت في منى و رمي الجمرات الثلاث في نهاره.
بل يجب المبيت داخل العلامات و اللوحات المشيرة إلى حدود منى.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 137
لا يتمكّن من الرجوع إلى منى و المبيت فيها في النصف الأوّل، يجوز له الخروج بشرط أن يتواجد في منى قبل الفجر.
أ. المرضى و الممرّضون لهم و كلّ من يشقّ عليه المبيت في منى كالشيخ و الشيخة.
ب. من كان له مال خارج منى (مثل مكة المكرمة) و خاف عليه إذا بات في منى.
ج. من وجب عليه المبيت بمكة لتهيئة الحاجات الضرورية للحجاج.
د. من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته ما عدا الحوائج الضرورية كالأكل و الشرب و نحوهما. و الأحوط أن يخصّ عبادته بالطواف و صلاته.
يجب عليه الرجوع إليها حتّى يشارك في النفر منها بعد الظهر.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 138
يجوز له تقديم الرمي ليلا. و من كان معذورا في الليل أيضا، يستنيب و لكن يرمي النائب نهارا.
و ليس ركنا من أركان الحج، و لو طرأ عليه خلل لا يفسد الحج.
أ. الجمرة الأولى: و هي أبعد الجمرات عن مكة و قريبة من مسجد الخيف.
ب. الجمرة الوسطى: و تبعد عن الجمرة الأولى 40، 156 مترا.
ج. جمرة العقبة: و هي أقرب الجمرات إلى مكة، و تبعد عن الجمرة الوسطى 77، 116 مترا.
يجب التدارك على نحو يحصل فيه الترتيب. مثلا لو رمى الجمرة الوسطى ثمّ الجمرة الأولى، يجب عليه إعادة رمي الجمرة الوسطى فقط ثمّ يرمي جمرة العقبة.
يرمى عنه بلا استئذان.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 139
يتخيّر بين تقديم الرمي عن نفسه و الرمي عن غيره.
مثلا لو نسي الرمي يوم العيد، يجب عليه يوم الحادي عشر رمي جمرة العقبة أوّلا قضاء، ثمّ يرجع إلى الجمرة الأولى ثمّ الوسطى ثمّ جمرة العقبة.
يقضي رمي جمرة العقبة فقط.
و هكذا لو شك في أصل الرمي.
يعيد رمي الجمرات الثلاث.
يعيد رميها على وجه يحصل معه الترتيب، فلو كانت الأولى يعيد رميها و رمي الثانية و الثالثة، و لو كانت الثانية يعيد رميها و رمي الثالثة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 141
1. الإحرام 2. الطواف 3. صلاة الطواف 4. السعي بين الصفا و المروة 5. الحلق أو التقصير 6. طواف النساء 7. صلاة طواف النساء.
فالعمرة المفردة كعمرة التمتع و تختلف عنها في أمرين مهمين:
الأوّل: يتعيّن التقصير في عمرة التمتّع، و به يخرج المحرم من إحرامه، و لكنّه يتخيّر في العمرة المفردة بين الحلق و التقصير.
الثاني: تحلّ النساء في عمرة التمتع بالتقصير، و لا تحلّ في العمرة المفردة إلّا بعد الإتيان بطواف النساء و صلاته.
و مع ذلك يجوز له العمرة في كل يوم. و ما ذكر من الفصل بشهر أو عشرة أيّام محمول على الفضيلة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 142
الأولى: أيام التشريق يعني يوم الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر من ذي الحجة.
الثانية: بين عمرة التمتع و حجّه.
مثلا من كان في المدينة يحرم من مسجد الشجرة أو الجحفة. و من كان منزله بعد المواقيت الخمسة يجوز له الإحرام من أدنى الحلّ كالجعرانة و الحديبية و التنعيم.
بخلاف من تمتع بعمرة التمتع فلا يجوز له الخروج قبل الإحرام للحج إلّا في موارد الضرورة كما مرّ.
و من أحرم من أدنى الحل يستحب له التلبية إلى المسجد الحرام.
«1» فلو أتى بعمرة
______________________________
(1). خرج من تعيّن عليه حج الإفراد أو القران، كما إذا لم يحجّ أصلا، فليس له أن يعدل إلى حج التمتع.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 143
مفردة في أشهر الحج (شوال و ذي القعدة و ذي الحجة) و بقي في مكة، يجوز له أن يجعلها عمرة تمتع و يحرم للحج تمتعا.
يستحب له العمرة المفردة بعد الفراغ عن أعمال المنوب عنه.
تجب عليه العمرة المفردة، سواء استطاع للحج أم لا.
و أمّا من كان منزله وراء هذه المسافة فلا تجب عليه العمرة المفردة. و على ضوء ما ذكرنا فالعمرة المفردة الّتي يأتي بها أهل البلاد النائية في هذه الأيام، لا تغني عن عمرة حج التمتع، فإذا استطاع لحجة الإسلام يجب عليه عمرة التمتع أوّلا ثمّ الحج. و السر في ذلك أن عمرة التمتع جزء من الحج و لا تنفك عنه. فمن اعتمر عمرة مفردة و هو غير مستطيع ثمّ استطاع، تجب عليه حجة الإسلام بعمرتها و حجها.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 145
قلنا: إنّ أقسام الحج ثلاثة: التمتع، و الإفراد، و القران.
و إنّ الأوّل فرض من كانت المسافة بين منزله و مكة أكثر من 16 فرسخا، و الآخران فرض من كان أهله حاضري المسجد الحرام.
و مرّ أيضا أنّ حج التمتع يتألف من جزءين هما: عمرة التمتع و الحج. و الجزء الأوّل منه متصل بالثاني، و العمرة تتقدم على الحج.
أمّا حج الإفراد فيتألف من عملين مستقلين هما: حجّ، و عمرة، فلا يجب الإتيان بهما معا، فلو استطاع في شهر رجب للعمرة المفردة، تجب عليه و إن لم يستطع للحج.
و بالعكس لو استطاع في أشهر الحج للإتيان بالحج وحده و إن لم يستطع بعده للعمرة المفردة، يجب عليه الحج وحده. و أمّا لو استطاع إليهما معا في أشهر الحج يقدّم الحج على العمرة.
يحرمان من
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 146
الميقات أو من منزلهما ثمّ يمضيان إلى عرفات فيقفان بها، ثمّ يمضيان إلى المشعر و يقفان به، ثمّ إلى منى فيقضيان مناسكهما بها، ثمّ يأتيان إلى مكة فيطوفان بالبيت و يصليان الركعتين و يسعيان بين الصفا و المروة و يطوفان طواف النساء و يصليان ركعتيه.
و أمّا عمرة المفرد و القارن فهي كعمرة التمتع، فيحرم من أدنى الحلّ إذا أراد الإتيان بها بعد الحج ثمّ يطوف و يصلي و يسعى ثمّ يقصّر و يطوف طواف النساء و يصلي ركعتيه.
فإذا فرغا من أعمال الحج يحرمان للعمرة المفردة من اليوم الرابع عشر، و إنّما تجب هذه العمرة إذا لم يأت بها قبلا.
فيجب عليهما بعد الإحرام؛ الذهاب إلى المشاعر و لكن لو وردا مكة يجوز لهما استحبابا الطواف و السعي قبل الوقوفين بشرط ذكر التلبية بعدهما.
فيطوف و يسعى بنية الحج و لكنّه لا يجوز للمتمتع أن يقدّم أعمال الحج على الوقوفين إلّا عند الضرورة.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 147
و يستحب له التقليد و هو أن يعلّق في رقبة ما ساقه نعلا قد صلّى فيه، كما يستحب الإشعار و هو أن يشق سنامه من الجانب الأيمن و يلطخ صفحته بدمه حتّى يعلم أنّه هدي.
و المفرد ليس عليه هدي.
و إن لم يطف و لم يسع، و لكن المتمتع لا يحل له الطيب إلّا بعد الطواف و السعي.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 149
فالأحوط أن لا يأخذها.
فإن كانت قيمتها أقل من درهم يجب عليه التصدق عن صاحبها إلى الفقير المؤمن، ثمّ إذا وجد صاحبها و لم يرض بالصدقة فعليه أن يعطيه العوض، و الدرهم عبارة عن (6، 12 حمصة فضة مسكوكة).
و أمّا لو كانت قيمتها أكثر من درهم، فيجب التعريف بها سنة فإن لم يوجد صاحبها يجوز له التصدّق عن صاحبها، و الأولى أن يعطيها للحاكم الشرعي.
يتصدّق بها إلى الفقير المؤمن عن جانب صاحبها.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 150
حتّى و لو للرمي، و الأحوط أن لا يخرج شيئا من تراب الحرم و أحجاره إلى خارج الحرم.
لا يجوز الخروج من المسجد بل تلزم المشاركة في الصلاة، و إذا لم تطب نفسه فليعدها استحبابا.
و لذا فعلى من أراد الصلاة في الحرمين الشريفين أن يصلّي في الأماكن الّتي يستطيع أن يسجد فيها على الرخام.
يجوز له الخروج من المدينة إلى مسجد قبا و سائر الأماكن الّتي حول المدينة، كأحد و غيرها.
فيجوز له النذر في نفس السفر الّذي يريد أن يصوم فيه.
و الّتي تسي ء إلى الإسلام و المسلمين.
و أمّا إذا كان نائبا عن الحيّ أو اشترط عليه رعاية كيفية خاصة، يجمع بين الوظيفتين: وظيفته و وظيفة المنوب عنه أو ما اشترط عليه.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 151
بشرط أن يكون الحد الفاصل بينه و بين الكعبة أكثر من الحد الفاصل بين الإمام و الكعبة. هذا إذا لم يكن المأموم مواجها للإمام فعندئذ لا تصح صلاته.
تصحّ المتابعة ما لم يكن هناك علم قاطع بالخلاف.
فلو أمكن له الاحتياط بدرك وقوف عرفات في الجملة بعد زوال اليوم التاسع عنده، أو المشعر الحرام في ليلة العاشر بعد الفجر، فهو. و إن لم يتمكّن ينقلب إحرامه إلى العمرة المفردة و يخرج عن الإحرام بها. فلو كان مستطيعا في تلك السنة و زالت استطاعته لم يجب الحج عليه، إلّا أن تتجدد الاستطاعة.
فمن كان مقيما بمكة و ذهب إلى عرفات يقصّر، و أمّا اليوم فقد أصبحت مكة من المدن الكبيرة و المسافة بينها و بين عرفات أقل من المسافة الشرعية، فالمقيم في مكة يتمّ في عرفات أيضا.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 152
و لكن المحمول المتنجس إذا لم يكن ساترا لا يضرّ بالطواف.
يقطع طوافه و يطهّر ما تنجّس منه و يتم الطواف من الموضع الّذي قطع. و لو استمر في الطواف من دون أن يطهر و صلّى صلاته، يجب عليه إعادة الطواف و الصلاة، و لو سعى بعد الصلاة، يعيد سعيه أيضا.
يجب عليهما انتخاب ذلك الوقت، و إذا لم يتمكّنا، يتوضّئان للطواف و يطوفان ثمّ يتوضئان للصلاة فيصليان، و الأحوط أن يستنيبا.
و لو أصابه الخرس لعارض، يخطر التلبية بباله مع تحريك لسانه و الإشارة بإصبعه.
و يقرأ فيها الدعاء التالي:
اللّهم صل على محمّد عبدك و رسولك و نبيّك و أمينك و حبيبك و خيرتك من خلقك. اللّهم كما بلّغ رسالتك و جاهد في
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 153
سبيلك فصدع بأمرك و أوذي في جنبك و عبدك حتى أتاه اليقين، اللّهم اقلبني مفلحا، منجحا مستجابا بأفضل ما يرجع به أحد ممّن وفدك من المغفرة و البركة و الرحمة و الرضوان و العافية.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 155
و تشتمل على:
1. آداب دخول مكّة و المسجد الحرام.
2. مستحبات الطواف و أدعيته.
3. مستحبات صلاة الطواف.
4. مستحبات السعي.
5. دعاء الإمام الحسين عليه السّلام في يوم عرفة.
6. دعاء كميل بن زياد.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 156
ورد عن أهل بيت العصمة و الطهارة صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين أنّه يستحب لمن قصد بيت اللّه الحرام حاجا أن يتأدّب بآداب و يستنّ بسنن شريفة يكمل بها ما استفاده من مناسك الحج و واجباته، و هناك عدد كبير من الأدعية الخاصّة لجميع أركان الحج و أجزائه، ينبغي للحاج أن يدعو بها بانقطاع و خلوص كامل، و بذلك تسمو نفسه، و يقتطف الثمار المعنوية المرجوّة من هذه الفريضة الإلهية. و تحقيقا لهذا الأمر سنذكر بعض الأدعية الهامة و الّتي اخترناها لتكون بين يدي الحاج في هذا الكتاب إتماما للفائدة، و هي:
في بادئ الأمر يستحب للمسلم حينما يشرف على دخول مكة أو السفر إليها أن يغتسل، و أن يدخلها و قد بدا عليه الخشوع و الاطمئنان، و أن يدخلها من أعلاها- إذا كان قادما من المدينة- و إن أراد مغادرتها فليغادرها من أسفلها.
كما يستحب لمن أراد دخول المسجد الحرام ما يلي:
1. الغسل.
2. السير حافيا و عليه السكينة و الوقار.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 157
3. الدخول من باب بني شيبة، و هو مقابل باب السلام الحالي. و يستحب أن يقف عند باب المسجد الحرام، و يقول:
«السّلام عليك ايّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته، بسم اللّه و باللّه و من اللّه و ما شاء اللّه، السّلام على انبياء اللّه و رسله، السّلام على رسول اللّه، السّلام على ابراهيم خليل اللّه، و الحمد للّه ربّ
العالمين».
و بعد دخول المسجد الحرام، يقف أمام الكعبة و يرفع يديه و يقول:
«اللّهمّ إنّي اسألك في مقامي هذا، و في اوّل مناسكي ان تقبل توبتي، و ان تتجاوز عن خطيئتي و ان تضع عنّي وزري، الحمد للّه الّذي بلّغني بيته الحرام، اللّهمّ انّي اشهد انّ هذا بيتك الحرام الّذي جعلته مثابة للنّاس و امنا مباركا و هدى للعالمين، اللّهمّ إنّي عبدك، و البلد بلدك، و البيت بيتك، جئت اطلب رحمتك، و اؤمّ طاعتك، مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك، اسألك مسألة الفقير إليك الخائف لعقوبتك، اللّهمّ افتح لي ابواب رحمتك، و استعملني بطاعتك و مرضاتك».
يستحب للحاج الطائف أن يتوجه إلى اللّه بكل أحاسيسه و مشاعره، و يخلص له كمال الإخلاص، و يدعوه في كل شوط من
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 158
الأشواط السبعة بالأدعية الخاصة بها، و لكي لا يشك الطائف في عدد أشواط طوافه بإمكانه تقسيم الأدعية الواردة، و يقرأ في كل شوط قسما منها رجاء المطلوبية، و لا مانع من التكرار.
«اللّهمّ انّي اسألك باسمك الّذي يمشى به على طلل الماء، كما يمشى به على جدد الأرض، و اسألك باسمك الّذي يهتزّ له عرشك، و اسألك باسمك الّذي تهتزّ له اقدام ملائكتك، و اسألك باسمك الّذي دعاك به موسى من جانب الطّور، فاستجبت له، و القيت عليه محبّة منك، و اسألك باسمك الّذي غفرت به لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و اتممت عليه نعمتك، ان ترزقني خير الدّنيا و الآخرة ...».
ثمّ اذكر حاجتك.
«اللّهمّ انّي اليك فقير، و انّي خائف مستجير، فلا تغيّر جسمي و لا تبدّل اسمي.
ثمّ يقول:
سائلك فقيرك مسكينك ببابك، فتصدّق عليه بالجنّة، اللّهمّ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 159
البيت بيتك، و الحرم حرمك، و العبد عبدك، و هذا مقام العائذ بك المستجير بك من النّار، فاعتقني و والديّ و اهلي و ولدي و اخواني المؤمنين من النّار، يا جواد يا كريم».
«اللّهمّ ادخلني الجنّة، و اجرني من النّار برحمتك، و عافني من السّقم، و اوسع عليّ من الرّزق الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الانس، و شرّ فسقة العرب و العجم، يا ذا المنّ و الطّول، يا ذا الجود و الكرم، انّ عملي ضعيف فضاعفه لي، و تقبّله منّي، انّك انت السّميع العليم».
«يا اللّه يا وليّ العافية، و خالق العافية، و رازق العافية، و المنعم بالعافية، و المتفضّل بالعافية عليّ و على جميع خلقك، يا رحمن الدّنيا و الآخرة و رحيمهما، صلّ على محمّد و آل محمّد، و ارزقنا العافية، و تمام العافية، و شكر العافية في الدّنيا و الآخرة، يا ارحم الرّاحمين».
«الحمد للّه الّذي شرّفك و عظّمك، و الحمد للّه الّذي بعث
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 160
محمّدا نبيّا، و جعل عليّا اماما، اللّهمّ اهد له خيار خلقك، و جنّبه شرار خلقك».
ثمّ يقول: «ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النّار».
«اللّهمّ البيت بيتك، و العبد عبدك، و هذا مقام العائذ بك من النّار، اللّهمّ من قبلك الرّوح و الفرج و العافية، اللّهمّ انّ عملي ضعيف فضاعفه لي، و اغفر لي ما اطّلعت عليه منّي و خفي على خلقك، استجير باللّه من النّار».
«اللّهمّ انّ عندي افواجا من ذنوب، و افواجا من خطايا، و عندك افواج من رحمة، و افواج من مغفرة، يا من استجاب لأبغض خلقه اذ قال انظرني الى يوم يبعثون، استجب لي».
ثمّ يذكر حاجته و يقول:
«اللّهمّ قنّعني بما رزقتني، و بارك لي فيما آتيتني».
و حين يصل إلى مقام إبراهيم عليه السّلام يقول:
«اللّهمّ اعتق رقبتي من النّار، و وسّع عليّ من الرّزق الحلال،
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 161
و ادرأ عنّي شرّ فسقة العرب و العجم و شرّ فسقة الجنّ و الانس».
و كان الإمام السجاد عليه السّلام حين ينظر إلى الميزاب يقول:
«اللّهمّ ادخلني الجنّة برحمتك، و اجرني برحمتك من النّار، و عافني من السّقم، و اوسع عليّ من الرّزق الحلال، و ادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ و الانس، و شرّ فسقة العرب و العجم».
يستحب للناسك في صلاة الطواف أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد سورة «التوحيد» و في الركعة الثانية بعد الحمد سورة «الكافرون» و بعد الصلاة يحمد اللّه و يثني عليه و يذكر النبي و آل و يصلي عليهم، و يطلب من اللّه القبول، ثمّ يقول:
«اللّهمّ تقبّل منّي، و لا تجعله آخر العهد منّي، الحمد للّه بمحامده كلّها على نعمائه كلّها، حتّى ينتهي الحمد إلى ما يحبّ و يرضى، اللّهمّ صلّ على محمّد و آله، و تقبّل منّي، و طهّر قلبي، و زكّ عملي».
كما ورد في رواية أخرى: (يستحب) للحاج أن يقول بعد ركعتي الطواف: «اللّهمّ ارحمني بطاعتي إيّاك، و طاعة رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللّهمّ جنّبني ان اتعدّى حدودك، و اجعلني ممّن
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 162
يحبّك و يحبّ رسولك و ملائكتك
و عبادك الصّالحين».
و روي كذلك أنّ الإمام الصادق عليه السّلام كان يسجد بعد صلاة الطواف و يقول:
«سجد لك وجهي تعبّدا ورقا، لا إله إلّا انت حقّا حقّا، الأوّل قبل كلّ شي ء، و الآخر بعد كلّ شي ء، و ها انا ذا بين يديك ناصيتي بيدك، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذّنب العظيم غيرك، فاغفر لي، فإنّي مقرّ بذنوبي على نفسي، و لا يدفع الذّنب العظيم غيرك».
و بعد تلك السجدة، كان وجهه المبارك يبدو و كأنّه كان غارقا في الماء.
يستحب للحاج- بعد صلاة الطواف و قبل السعي- الذهاب إلى بئر زمزم و الشرب من مائها، و إراقة شي ء منه على الرأس و الظهر و البطن، ثمّ يقول:
«اللّهمّ اجعله علما نافعا، و رزقا واسعا، و شفاء من كلّ داء و سقم».
ثمّ يتوجّه نحو الصفا من الباب المقابل للحجر الأسود، و يصعد إلى الصفا بقلب مطمئن، و النظر من هناك إلى الكعبة و إلى
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 163
الركن الّذي فيه الحجر الأسود، ثمّ يحمد اللّه و يثني عليه و يذكر نعمه على العبد، و أن يقول:
«اللّه أكبر» سبع مرات.
«الحمد للّه» سبع مرات.
«لا إله إلّا اللّه» سبع مرات.
ثمّ يقول بعد ذلك:
«لا اله الّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو حيّ لا يموت، بيده الخير، و هو على كلّ شي ء قدير» ثلاث مرات.
ثمّ يصلّي على محمد و آله، و يقول ثلاث مرات:
«اللّه اكبر على ما هدانا، و الحمد للّه على ما ابلانا، و الحمد للّه الحيّ القيّوم، و الحمد للّه الحيّ الدّائم».
ثمّ يقول ثلاث مرات:
«اشهد ان لا اله الّا اللّه، و اشهد انّ محمّدا عبده و
رسوله، لا نعبد الّا ايّاه، مخلصين له الدّين، و لو كره المشركون».
ثمّ يقول ثلاث مرات:
«اللّهمّ إنّي اسألك العفو و العافية و اليقين في الدّنيا و الآخرة».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 164
و يقول ثلاث مرات:
«اللّهمّ آتنا في الدّنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النّار».
ثمّ يقول:
«اللّه أكبر» مائة مرة.
«لا إله إلّا اللّه» مائة مرة.
«الحمد للّه» مائة مرة.
«سبحان اللّه» مائة مرة.
ثمّ يقول:
«لا اله الّا اللّه وحده وحده، انجز وعده، و نصر عبده، و غلب الاحزاب وحده، فله الملك و له الحمد وحده، اللّهمّ بارك لي في الموت و فيما بعد الموت، اللّهمّ إنّي اعوذ بك من ظلمة القبر و وحشته، اللّهمّ اظلّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلّا ظلّك».
و أن يكرّر كثيرا: «أستودع اللّه ديني و نفسي و أهلي و مالي»، و يقول كذلك:
«استودع اللّه الرّحمن الرّحيم الّذي لا تضيع ودائعه ديني و نفسي و اهلي، اللّهمّ استعملني على كتابك و سنّة نبيّك، و توفّني على ملّته، و اعذني من الفتنة».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 165
ثمّ يقول: «اللّه أكبر» ثلاث مرات.
و بعدها يكرّر الدعاء السابق مرتين، ثمّ يكبّر مرة أخرى و يدعو، و إن لم يتمكن من أداء كل ذلك، فعليه أن يعمل بما يستطيع.
و يستحب استقبال الكعبة و قراءة هذا الدعاء:
«اللّهمّ اغفر لي كلّ ذنب اذنبته قطّ، فإن عدت فعد عليّ بالمغفرة، فإنّك انت الغفور الرّحيم، اللّهمّ افعل بي ما انت اهله، فإنّك إن تفعل بي ما انت اهله ترحمني، و إن تعذّبني فانت غنيّ عن عذابي، و انا محتاج إلى رحمتك، فيا من انا محتاج إلى رحمته ارحمني، اللّهمّ لا تفعل بي ما انا اهله، فإنّك
إن تفعل بي ما انا اهله تعذّبني، و لم تظلمني، اصبحت اتّقي عدلك، و لا اخاف جورك، فيا من هو عدل لا يجور ارحمني». ثمّ يقول:
«يا من لا يخيب سائله، و لا ينفد نائله، صلّ على محمّد و آل محمّد، و اجرني من النّار برحمتك».
و جاء في الحديث الشريف عند ما ينزل من الصفا ينظر إلى الكعبة و يقول:
«اللّهمّ إنّي اعوذ بك من عذاب القبر و فتنته و غربته و وحشته و ظلمته و ضيقه و ضنكه، اللّهمّ اظلّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلّا ظلّك».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 166
ثمّ يقول:
«يا ربّ العفو، يا من أمر بالعفو، يا من هو أولى بالعفو، يا من يثيب على العفو، العفو العفو العفو، يا جواد يا كريم يا قريب يا بعيد، اردد عليّ نعمتك، و استعملني بطاعتك و مرضاتك».
________________________________________
تبريزى، جعفر سبحانى، مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، در يك جلد، مؤسسه امام صادق عليه السلام، قم - ايران، اول، 1428 ه ق مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)؛ ص: 166
و يستحب السعي مشيا من الصفا إلى المنارة الواقعة في منتصف الطريق، و أن تقطع المسافة منها و حتّى المكان الّذي كان سوقا للعطارين (و هذه المسافة مضاءة بمصابيح خضراء) هرولة، و إذا كان راكبا فليسرع بعض الشي ء، و لا هرولة على النساء، و يستحب أن يقول الساعي عند وصوله إلى هذا المكان:
«بسم اللّه و باللّه، و اللّه اكبر، و صلّى اللّه على محمّد و اهل بيته، اللّهمّ اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم، إنّك انت الاعزّ الاجلّ الاكرم، و اهدني للّتي هي اقوم، اللّهمّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي، و تقبّله منّي،
اللّهمّ لك سعيي، و بك حولي و قوّتي، تقبّل منّي عملي، يا من يقبل عمل المتّقين».
و عند ما يترك هذا المكان، يقول:
«يا ذا المنّ و الفضل و الكرم و النّعماء و الجود، اغفر لي ذنوبي، إنّه لا يغفر الذّنوب إلّا انت».
و عند ما يصل إلى المروة يصعد فوقها و يفعل مثل ما فعل في
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 167
الصفا، و يدعو بالأدعية الّتي ذكرت هناك و بنفس الترتيب، ثمّ يقول:
«اللّهمّ يا من امر بالعفو، يا من يحبّ العفو، يا من يعطي على العفو، يا من يعفو على العفو، يا ربّ العفو، العفو العفو العفو».
و يستحب له البكاء بل و حتّى التباكي، و الدعاء كثيرا أثناء السعي، ثمّ يقرأ هذا الدعاء:
«اللّهمّ إنّي أسألك حسن الظّن بك على كلّ حال، و صدق النيّة في التّوكّل عليك».
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 168
5.
دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ وَ لَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ- وَ لَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ وَ هُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ- فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ وَ أَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ- لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ وَ لَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ- أَتَى بِالْكِتَابِ الْجَامِعِ وَ بِشَرْعِ الْإِسْلَامِ النُّورِ السَّاطِعِ وَ هُوَ لِلْخَلِيفَةِ صَانِعٌ وَ هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَى الْفَجَائِعِ- جَازِي كُلِّ صَانِعٍ وَ رَائِشُ كُلِّ قَانِعٍ وَ رَاحِمُ كُلِّ ضَارِعٍ- وَ مُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَ الْكِتَابِ الْجَامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ- وَ هُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ وَ لِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ- وَ لِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ وَ لِلْجَبَابِرَةِ قَامِعُ- وَ رَاحِمُ عَبْرَةِ كُلِّ ضَارِعٍ وَ دَافِعُ ضَرْعَةِ كُلِّ ضَارِعٍ- فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَ لَا شَيْ ءَ يَعْدِلُهُ- وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ-
وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ- وَ أَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي وَ أَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّي- ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً- وَ خَلَقْتَنِي مِنَ التُّرَابِ- ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ وَ اخْتِلَافِ الدُّهُورِ- فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ- فِي تَقَادُمِ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ وَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ- لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي وَ لُطْفِكَ لِي- وَ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَيَّامِ الْكَفَرَةِ- الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ- لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي رَأْفَةً مِنْكَ وَ تَحَنُّناً عَلَيَّ- لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 169
يَسَّرْتَنِي- وَ فِيهِ أَنْشَأْتَنِي وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِي- بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَ سَوَابِغِ نِعْمَتِكَ- فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى- ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَ جِلْدٍ وَ دَمٍ- لَمْ تُشَهِّرْنِي بِخَلْقِي وَ لَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي- ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي إِلَى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً- وَ حَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً- وَ رَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً عَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ- وَ كَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّحَائِمَ- وَ كَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ- وَ سَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ- فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ- حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامَ- فَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى إِذَا كَمَلَتْ فِطْرَتِي- وَ اعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ- بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَ رَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ فِطْرَتِكَ- وَ أَنْطَقْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وَ أَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ- وَ نَبَّهَتْنِي لِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ وَ وَاجِبِ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ- وَ فَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ وَ يَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ- وَ مَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَ لُطْفِكَ- ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حُرِّ
الثَّرَى لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي بِنِعْمَةٍ دُونَ أُخْرَى- وَ رَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وَ صُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ عَلَيَّ- وَ إِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ- وَ صَرَفْتَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 170
عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ- لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ- أَنْ دَلَلْتَنِي عَلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ- وَ وَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ- فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وَ إِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي- وَ إِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وَ إِنِ شَكَرْتَنِي زِدْتَنِي- كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالًا لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَ إِحْسَاناً إِلَيَّ- فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ- مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وَ عَظُمَتْ آلَاؤُكَ- فَأَيُّ أَنْعُمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً أَوْ ذِكْراً- أَمْ أَيُّ عَطَائِكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً- وَ هِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ- أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ- ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَ دَرَأْتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَ الضَّرَّاءِ أَكْثَرُ- مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَ السَّرَّاءِ- وَ أَنَا أُشْهِدُكَ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي- وَ عَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي وَ خَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي- وَ بَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وَ عَلَائِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي- وَ أَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وَ خُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي- وَ خَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي وَ مَسَارِبِ صِمَاخِ سَمْعِي- وَ مَا ضُمَّتْ وَ أُطْبِقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ- وَ حَرَكَاتُ لَفْظِ لِسَانِي وَ مَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَ فَكِّي- وَ مَنَابِتِ أَضْرَاسِي وَ بُلُوغِ حَبَائِلِ بَارِعِ عُنُقِي- وَ مَسَاغِ مَطْعَمِي وَ مَشْرَبِي وَ حِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي- وَ جُمَلِ حَمَائِلِ حَبْلِ وَتِينِي- وَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ صَدْرِي وَ نِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي- وَ أَفْلَاذِ حَوَاشِي كَبِدِي وَ مَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ أَضْلَاعِي- وَ حِقَاقِ مَفَاصِلِي وَ أَطْرَافِ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 171
أَنَامِلِي- وَ قَبْضِ
عَوَامِلِي وَ دَمِي وَ شَعْرِي- وَ بَشَرِي وَ عَصَبِي وَ قَصَبِي وَ عِظَامِي- وَ مُخِّي وَ عُرُوقِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي- وَ مَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامُ رَضَاعِي- وَ مَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي وَ نَوْمِي وَ يَقَظَتِي- وَ سُكُونِي وَ حَرَكَتِي وَ حَرَكَاتِ رُكُوعِي وَ سُجُودِي- أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَ اجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ وَ الْأَحْقَابِ- لَوْ عُمِّرْتُهَا أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ- مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ- شُكْراً آنِفاً جَدِيداً وَ ثَنَاءً طَارِفاً عَتِيداً- أَجَلْ وَ لَوْ حَرَصْتُ وَ الْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ- أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفَةً وَ آنِفَةً- لَمَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً وَ لَا أَحْصَيْنَاهُ أَبَداً- هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ وَ أَنْتَ الْمُخْبِرُ عَنْ نَفْسِكَ- فِي كِتَابِكَ النَّاطِقِ وَ النَّبَإِ الصَّادِقِ- وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّٰهِ لٰا تُحْصُوهٰا- صَدَقَ كِتَابُكَ اللَّهُمَّ وَ نَبَؤُكَ- وَ بَلَّغَتْ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ- وَ شَرَعْتَ لَهُمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي أَشْهَدُ بِجِدِّي وَ جَهْدِي- وَ مَبَالِغِ طَاقَتِي وَ وُسْعِي وَ أَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً- الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً- وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فَيُضَادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ- وَ لَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ- لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا وَ تَفَطَّرَتَا- فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْحَقِّ الْأَحَدِ الصَّمَدِ- الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ- الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَعْدِلُ- حَمْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَ أَنْبِيَائِهِ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 172
الْمُرْسَلِينَ- وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ- خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ- اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ وَ أَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ- وَ لَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَ خِرْ
لِي فِي قَضَائِكَ- وَ بَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى- لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَ لَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ- اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي وَ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي- وَ الْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي وَ النُّورَ فِي بَصَرِي وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِي- وَ مَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي وَ اجْعَلْ سَمْعِي وَ بَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي- وَ انْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي وَ ارْزُقْنِي مَآرِبِي وَ ثَأْرِي وَ أَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي- اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي- وَ اخْسَأْ شَيْطَانِي وَ فُكَّ رِهَانِي- وَ اجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً- وَ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي حَيّاً سَوِيّاً- رَحْمَةً بِي وَ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً- رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي- رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي- يَا رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ بِي وَ فِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي- رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي وَ وَفَّقْتَنِي رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي-
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 173
رَبِّ بِمَا آوَيْتَنِي وَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ آتَيْتَنِي وَ أَعْطَيْتَنِي- رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَ سَقَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَ أَقْنَيْتَنِي- رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي وَ أَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ ذِكْرِكَ الصَّافِي- وَ يَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ أَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ- الدَّهْرِ وَ صُرُوفِ الْأَيَّامِ وَ اللَّيَالِي- وَ نَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَ كُرُبَاتِ الْآخِرَةِ- وَ اكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ- اللَّهُمَّ مَا أَخَافُ فَاكْفِنِي وَ مَا أَحْذَرُ فَقِنِي- وَ فِي نَفْسِي وَ دِينِي فَاحْرُسْنِي وَ فِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي- وَ فِي أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي فَاخْلُفْنِي وَ فِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي- وَ فِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وَ
فِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي- وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَسَلِّمْنِي وَ بِذُنُوبِي فَلَا تَفْضَحْنِي- وَ بِسَرِيرَتِي فَلَا تُخْزِنِي وَ بِعَمَلِي فَلَا تَبْتَلِنِي- وَ نِعَمَكَ فَلَا تَسْلُبْنِي وَ إِلَى غَيْرِكَ فَلَا تَكِلْنِي- إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى الْقَرِيبِ يَقْطَعُنِي- أَمْ إِلَى الْبَعِيدِ يَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي- وَ أَنْتَ رَبِّي وَ مَلِيكُ أَمْرِي- أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَ بُعْدَ دَارِي وَ هَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي- اللَّهُمَّ فَلَا تُحْلِلْ بِي غَضَبَكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ- فَلَا أُبَالِي سِوَاكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي- فَأَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَ السَّمَاوَاتُ- وَ انْكَشَفَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ- وَ صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ- أَنْ لَا تُمِيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ وَ لَا تُنْزِلَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 174
بِي سَخَطَكَ- لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ- رَبُّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ- الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وَ جَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمَنَةً- يَا مَنْ عَفَا عَنِ الْعَظِيمِ مِنَ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ- يَا مَنْ أَسْبَغَ النِّعْمَةَ بِفَضْلِهِ- يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ- يَا عُدَّتِي فِي كُرْبَتِي يَا مُونِسِي فِي حُفْرَتِي يَا وَلِيَّ نِعْمَتِي- يَا إِلَهِي وَ إِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ- وَ رَبَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ- وَ رَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ- وَ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ- وَ مُنْزِلَ كهيعص وَ طه وَ يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ- أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا- وَ تَضِيقُ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا- وَ لَوْ لَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ- وَ أَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَ لَوْ لَا نَصْرُكَ لِي لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ- يَا
مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَ الرِّفْعَةِ وَ أَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ- يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ- فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ- تَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي الصُّدُورُ- وَ غَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمَانُ وَ الدُّهُورُ يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلَّا هُوَ- يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ- يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ وَ سَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ- يَا مَنْ لَهُ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 175
أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً- يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ- وَ مُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَ جَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً- يَا رَادَّ يُوسُفَ عَلَى يَعْقُوبَ- بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ- يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْبَلَاءِ عَنْ أَيُّوبَ- يَا مُمْسِكَ يَدِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَ فَنَاءِ عُمُرِهِ- يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى- وَ لَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً- يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ- يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ- فَأَنْجَاهُمْ وَ جَعَلَ فِرْعَوْنَ وَ جُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ- يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ- يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ- يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ- وَ قَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَ يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ- وَ قَدْ حَادُّوهُ وَ نَادُّوهُ وَ كَذَّبُوا رُسُلَهُ- يَا اللَّهُ يَا بَدِي ءُ لَا بَدْءَ لَكَ دَائِماً يَا دَائِماً لَا نَفَادَ لَكَ- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى- يَا مَنْ هُوَ قٰائِمٌ عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ- يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَ عَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي- وَ رَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي-
يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي- يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لَا تُحْصَى يَا مَنْ نِعَمُهُ عِنْدِي لَا تُجَازَى- يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَ الْإِحْسَانِ- وَ عَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَ الْعِصْيَانِ- يَا مَنْ هَدَانِي بِالْإِيمَانِ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 176
شُكْرَ الِامْتِنَانِ- يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي وَ عُرْيَاناً فَكَسَانِي- وَ جَائِعاً فَأَطْعَمَنِي وَ عَطْشَاناً فَأَرْوَانِي- وَ ذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي وَ جَاهِلًا فَعَرَّفَنِي- وَ وَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَ غَائِباً فَرَدَّنِي- وَ مُقِلًّا فَأَغْنَانِي وَ مُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي- وَ غَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَ أَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأَنِي- فَلَكَ الْحَمْدُ يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي وَ نَفَّسَ كُرْبَتِي- وَ أَجَابَ دَعْوَتِي وَ سَتَرَ عَوْرَتِي وَ ذُنُوبِي- وَ بَلَّغَنِي طَلِبَتِي وَ نَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي- وَ إِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَ مِنَنَكَ وَ كَرَائِمَ مِنَحِكَ لَا أُحْصِيهَا يَا مَوْلَايَ- أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ- أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ- أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ- أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ- أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ- أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ- أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ- أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ- أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ- أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ- أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ- أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ- أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ تَبَارَكْتَ رَبِّي وَ تَعَالَيْتَ- فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً وَ لَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً- ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي- أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ- أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ-
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 177
أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ- أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنَا الَّذِي
وَعَدْتُ- أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ- أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ إِلَهِي أَعْتَرِفُ بِنِعْمَتِكَ عِنْدِي- وَ أَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْ لِي يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ- وَ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ- وَ الْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ صَالِحاً بِمَعُونَتِهِ وَ رَحْمَتِهِ- فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ- وَ نَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لَا ذَا بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ- وَ لَا ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ فَبِأَيِّ شَيْ ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلَايَ- أَ بِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسَانِي أَمْ بِرِجْلِي- أَ لَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ عِنْدِي وَ بِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ يَا مَوْلَايَ- فَلَكَ الْحُجَّةُ وَ السَّبِيلُ عَلَيَّ- يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ وَ الْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي- وَ مِنَ الْعَشَائِرِ وَ الْإِخْوَانِ- أَنْ يُعَيِّرُونِي- وَ مِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي وَ لَوِ اطَّلَعُوا- يَا مَوْلَايَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي- إِذًا مَا أَنْظَرُونِي وَ لَرَفَضُونِي وَ قَطَعُونِي- فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي- خَاضِعاً- ذَلِيلًا حَقِيراً لَا ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ- وَ لَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ وَ لَا حُجَّةَ لِي فَأَحْتَجَّ بِهَا- وَ لَا قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَ لَمْ أَعْمَلْ سُوءاً- وَ مَا عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلَايَ فَيَنْفَعُنِي- وَ كَيْفَ وَ أَنَّى ذَلِكَ وَ جَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ- عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ- أَنَّكَ سَائِلِي عَنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ- وَ أَنَّكَ الْحَكِيمُ الْعَدْلُ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 178
الَّذِي لَا يَجُورُ- وَ عَدْلُكَ مُهْلِكِي وَ مِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي- فَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَبِذُنُوبِي يَا مَوْلَايَ بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ- وَ إِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَ جُودِكَ وَ كَرَمِكَ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ- لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ الرَّاغِبِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ الْمُسَبِّحِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي وَ رَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ- اللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً- وَ إِخْلَاصِي مُوَحِّداً وَ إِقْرَارِي بِآلَائِكَ مُعِدّاً- وَ إِنْ كُنْتُ مُقِرّاً- أَنِّي لَا أُحْصِيهَا لِكَثْرَتِهَا وَ سُبُوغِهَا- وَ تَظَاهُرِهَا وَ تَقَادُمِهَا إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ- تَتَغَمَّدُنِي بِهِ مَعَهَا مُذْ خَلَقْتَنِي وَ بَرَأْتَنِي- مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ مِنَ الْإِغْنَاءِ بَعْدَ الْفَقْرِ- وَ كَشْفِ الضُّرِّ وَ تَسْبِيبِ الْيُسْرِ وَ دَفْعِ الْعُسْرِ- وَ تَفْرِيجِ الْكَرْبِ وَ الْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ وَ السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ- وَ لَوْ رَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعَمِكَ- عَلَيَّ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ- لَمَا قَدَرْتُ وَ لَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ- تَقَدَّسْتَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 179
وَ تَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ كَرِيمٍ رَحِيمٍ- لَا تُحْصَى آلَاؤُكَ وَ لَا يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ وَ لَا تُكَافَى نَعْمَاؤُكَ- صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ- وَ أَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ- اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَاكَ- وَ تَكْشِفُ السُّوءَ وَ تُغِيثُ الْمَكْرُوبَ- وَ تَشْفِي السَّقِيمَ وَ تُغْنِي الْفَقِيرَ وَ تَجْبُرُ الْكَسِيرَ- وَ تَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَ تُعِينُ الْكَبِيرَ وَ لَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ- وَ لَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ وَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ- يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ- يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا وَزِيرَ- صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ- وَ أَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ
مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيهَا وَ آلَاءٍ تُجَدِّدُهَا- وَ بَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا وَ كُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا وَ دَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا- وَ حَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا وَ سَيِّئَةٍ تَغْفِرُهَا- إِنَّكَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ وَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ وَ أَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ- وَ أَكْرَمُ مَنْ عَفَا وَ أَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى وَ أَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ- يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ رَحِيمَهُمَا لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ- وَ لَا سِوَاكَ مَأْمُولٌ دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي- وَ سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي وَ رَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي- وَ وَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي وَ فَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي- اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ نَبِيِّكَ- وَ عَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ- وَ تَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 180
وَ هَنِّئْنَا عَطَاءَكَ- وَ اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ وَ لِآلَائِكَ ذَاكِرِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ- اللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ وَ قَدَرَ فَقَهَرَ- وَ عُصِيَ فَسَتَرَ وَ اسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ- يَا غَايَةَ الرَّاغِبِينَ وَ مُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ- يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً وَ وَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَ حِلْماً- اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ- الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَ عَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ- وَ رَسُولِكَ وَ خِيَرَتِكَ وَ أَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ- الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ جَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ- اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلُ ذَلِكَ يَا عَظِيمُ- فَصَلِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِينَ- الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَ تَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا- فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ- وَ اجْعَلْ لَنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً فِي كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ- وَ نُورٍ تَهْدِي بِهِ وَ رَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا- وَ عَافِيَةٍ تُجَلِّلُهَا وَ بَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا- وَ رِزْقٍ تَبْسُطُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ- اللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ-
مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ- وَ لَا تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَ لَا تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ- وَ لَا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَ لَا مِنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ- وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ- وَ لَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطَايَاكَ قَانِطِينَ- يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ وَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ- إِلَيْكَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 181
أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ وَ لِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ- فَأَعِنَّا عَلَى مَنْسَكِنَا وَ أَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا- وَ اعْفُ اللَّهُمَّ عَنَّا فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا- وَ هِيَ بِذِلَّةِ الِاعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ- اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ وَ اكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ- فَلَا كَافِيَ لَنَا سِوَاكَ وَ لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ- مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ عَدْلٌ قَضَاؤُكَ- اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ وَ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ- اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ وَ كَرِيمَ الذُّخْرِ وَ دَوَامَ الْيُسْرِ- فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا- أَجْمَعِينَ وَ لَا تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ- وَ لَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ- اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ- وَ شَكَرَكَ فَزِدْتَهُ وَ تَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ- وَ تَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَغَفَرْتَهَا لَهُ- يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَ سَدِّدْنَا وَ اعْصِمْنَا وَ اقْبَلْ تَضَرُّعَنَا يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ- وَ يَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ- وَ لَا لَحْظُ الْعُيُونِ وَ لَا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ- وَ لَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ- أَلَا كُلُّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ وَ وَسِعَهُ حِلْمُكَ- سُبْحَانَكَ وَ تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً- تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا فِيهِنَّ- وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ- فَلَكَ الْحَمْدُ وَ
الْمَجْدُ وَ عُلُوُّ الْجَدِّ- يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ وَ الْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ وَ الْأَيَادِي الْجِسَامِ-
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 182
وَ أَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ- أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ وَ عَافِنِي فِي بَدَنِي وَ دِينِي- وَ آمِنْ خَوْفِي وَ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ- اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي وَ لَا تَسْتَدْرِجْنِي وَ لَا تَخْذُلْنِي- وَ ادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ثم رفع رأسه إلى السماء و الدموع تجري من عينيه، و قال بصوت مرتفع يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ- وَ يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ وَ يَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ- وَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ- وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي- وَ إِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي- أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ- لَكَ الْمُلْكَ وَ لَكَ الْحَمْدُ- وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ و كان الإمام عليه السلام يكرر «يا رب» فيما أقبل من حوله على الاستماع له و التأمين على دعائه، ثم علت أصواتهم بالبكاء مع الإمام حتى غربت الشمس، ثم اتجهوا معه نحو المشعر الحرام.
و يروي السيد ابن طاووس في «الإقبال» أن الإمام عليه السلام قد قال بعد «يا رب، يا رب، يا رب ...»:
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 183
- إِلَهِي أَنَا الْفَقِيرُ فِي غِنَايَ فَكَيْفَ لَا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي- إِلَهِي أَنَا الْجَاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لَا أَكُونُ جَهُولًا فِي جَهْلِي- إِلَهِي إِنَّ اخْتِلَافَ تَدْبِيرِكَ وَ سُرْعَةَ طَوَاءِ مَقَادِيرِكَ- مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ- إِلَى عَطَاءٍ وَ الْيَأْسِ مِنْكَ فِي بَلَاءٍ- إِلَهِي مِنِّي
مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَ مِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ- إِلَهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَ الرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي- أَ فَتَمْنَعُنِي مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي- إِلَهِي إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَ لَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ- وَ إِنْ ظَهَرَتِ الْمَسَاوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَ لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ- إِلَهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَ قَدْ تَوَكَّلْتَ لِي- وَ كَيْفَ أُضَامُ وَ أَنْتَ النَّاصِرُ لِي أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَ أَنْتَ الْحَفِيُّ بِي- هَا أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ- وَ كَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحَالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ- أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حَالِي وَ هُوَ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ- أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقَالِي وَ هُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ- أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمَالِي وَ هِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ- أَمْ كَيْفَ لَا تُحْسِنُ أَحْوَالِي وَ بِكَ قَامَتْ- إِلَهِي مَا أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي- وَ مَا أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي- إِلَهِي مَا أَقْرَبَكَ مِنِّي وَ أَبْعَدَنِي عَنْكَ- وَ مَا أَرْأَفَكَ بِي فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ- إِلَهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلَافِ الْآثَارِ وَ تَنَقُّلَاتِ الْأَطْوَارِ- أَنَّ مُرَادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ- فِي كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى لَا أَجْهَلَكَ فِي شَيْ ءٍ- إِلَهِي كُلَّمَا أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ-
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 184
وَ كُلَّمَا آيَسَتْنِي أَوْصَافِي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ- إِلَهِي مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ مَسَاوِيهِ مَسَاوِيَ- وَ مَنْ كَانَتْ حَقَائِقُهُ دَعَاوِيَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ دَعَاوِيهِ دَعَاوِيَ- إِلَهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَ مَشِيَّتُكَ الْقَاهِرَةُ- لَمْ يَتْرُكَا لِذِي مَقَالٍ مَقَالًا وَ لَا لِذِي حَالٍ حَالًا- إِلَهِي كَمْ مِنْ طَاعَةٍ بَنَيْتُهَا وَ حَالَةٍ شَيَّدْتُهَا- هَدَمَ اعْتِمَادِي عَلَيْهَا عَدْلُكَ بَلْ أَقَالَنِي مِنْهَا فَضْلُكَ- إِلَهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَ إِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلًا جَزْماً- فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَ عَزْماً-
إِلَهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَ أَنْتَ الْقَاهِرُ وَ كَيْفَ لَا أَعْزِمُ وَ أَنْتَ الْآمِرُ- إِلَهِي تَرَدُّدِي فِي الْآثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ- فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ- كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ- أَ يَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ- حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ- مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ- وَ مَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ- عَمِيَتْ عَيْنٌ لَا تَرَاكَ عَلَيْهَا رَقِيباً- وَ خَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً- إِلَهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثَارِ- فَارْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوَارِ وَ هِدَايَةِ الِاسْتِبْصَارِ- حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْهَا- مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَ مَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا- إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ- إِلَهِي هَذَا ذُلِّي ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ- وَ هَذَا حَالِي لَا يَخْفَى عَلَيْكَ-
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 185
مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ وَ بِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ- فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ- وَ أَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ- إِلَهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَ صُنِّي بِسِرِّكَ الْمَصُونِ- إِلَهِي حَقِّقْنِي بِحَقَائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ وَ اسْلُكْ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ- إِلَهِي أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَ بِاخْتِيَارِكَ عَنِ اخْتِيَارِي- وَ أَوْقِفْنِي عَلَى مَرَاكِزِ اضْطِرَارِي إِلَهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي وَ طَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَ شِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي- بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَ عَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلَا تَكِلْنِي- وَ إِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلَا تُخَيِّبْنِي وَ فِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلَا تَحْرِمْنِي- وَ بِجَنَابِكَ أَنْتَسِبُ فَلَا تُبْعِدْنِي وَ بِبَابِكَ أَقِفُ فَلَا تَطْرُدْنِي- إِلَهِي تَقَدَّسَ رِضَاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ- فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي- إِلَهِي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذَاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ- فَكَيْفَ لَا
تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي- إِلَهِي إِنَّ الْقَضَاءَ وَ الْقَدَرَ يُمَنِّينِي- وَ إِنَّ الْهَوَى بِوَثَائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي- فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَ تُبَصِّرَنِي- وَ أَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى أَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبِي- أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الْأَنْوَارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ- حَتَّى عَرَفُوكَ وَ وَحَّدُوكَ- وَ أَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الْأَغْيَارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ- حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِوَاكَ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى غَيْرِكَ- أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوَالِمُ- وَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبَانَتْ لَهُمُ الْمَعَالِمُ- مَا ذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 186
وَ مَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ- لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلًا وَ لَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغَى عَنْكَ مُتَحَوَّلًا- كَيْفَ يُرْجَى سِوَاكَ وَ أَنْتَ مَا قَطَعْتَ الْإِحْسَانَ- وَ كَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَ أَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عَادَةَ الِامْتِنَانِ- يَا مَنْ أَذَاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلَاوَةَ الْمُؤَانَسَةِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ- وَ يَا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيَاءَهُ مَلَابِسَ هَيْبَتِهِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ- أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ- وَ أَنْتَ الْبَادِي بِالْإِحْسَانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعَابِدِينَ- وَ أَنْتَ الْجَوَادُ بِالْعَطَاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ- وَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِمَا وَهَبْتَنَا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ- إِلَهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ- وَ اجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ إِلَيْكَ- إِلَهِي إِنَّ رَجَائِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَ إِنْ عَصَيْتُكَ- كَمَا أَنَّ خَوْفِي لَا يُزَايِلُنِي وَ إِنْ أَطَعْتُكَ- فَقَدْ دَفَعَتْنِي الْعَوَالِمُ إِلَيْكَ وَ قَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ- إِلَهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَ أَنْتَ أَمَلِي- أَمْ كَيْفَ أُهَانُ وَ عَلَيْكَ مُتَّكَلِي- إِلَهِي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَ فِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي- أَمْ كَيْفَ لَا أَسْتَعِزُّ وَ إِلَيْكَ نَسَبْتَنِي- إِلَهِي كَيْفَ لَا أَفْتَقِرُ وَ أَنْتَ الَّذِي فِي الْفُقَرَاءِ- أَقَمْتَنِي أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَ أَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي- وَ أَنْتَ
الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ فَمَا جَهِلَكَ شَيْ ءٌ- وَ أَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ- فَرَأَيْتُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ- يَا مَنِ اسْتَوَى بِرَحْمَانِيَّتِهِ فَصَارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذَاتِهِ- مَحَقْتَ الْآثَارَ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 187
بِالْآثَارِ- وَ مَحَوْتَ الْأَغْيَارَ بِمُحِيطَاتِ أَفْلَاكِ الْأَنْوَارِ- يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرَادِقَاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ- يَا مَنْ تَجَلَّى بِكَمَالِ بَهَائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ مِنَ الِاسْتِوَاءِ- كَيْفَ تَخْفَى وَ أَنْتَ الظَّاهِرُ- أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَ أَنْتَ الرَّقِيبُ الْحَاضِرُ- إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 188
دعاء كميل بن زياد رحمه الله اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ بِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ وَ خَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ وَ ذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ وَ بِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ ءٍ وَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيْ ءٌ وَ بِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ بِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلَا كُلَّ شَيْ ءٍ وَ بِوَجْهِكَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ بِأَسْمَائِكَ الَّتِي مَلَأَتْ [غَلَبَتْ] أَرْكَانَ كُلِّ شَيْ ءٍ وَ بِعِلْمِكَ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شَيْ ءٍ يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ يَا أَوَّلَ الْأَوَّلِينَ وَ يَا آخِرَ الْآخِرِينَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَ كُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأْتُهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ وَ أَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَى نَفْسِكَ وَ أَسْأَلُكَ
بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ وَ أَنْ تُوزِعَنِي شُكْرَكَ وَ أَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خَاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خَاشِعٍ أَنْ تُسَامِحَنِي
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 189
وَ تَرْحَمَنِي وَ تَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ رَاضِياً قَانِعاً وَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مُتَوَاضِعاً اللَّهُمَّ وَ أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ وَ أَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ حَاجَتَهُ وَ عَظُمَ فِيمَا عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ اللَّهُمَّ عَظُمَ سُلْطَانُكَ وَ عَلَا مَكَانُكَ وَ خَفِيَ مَكْرُكَ وَ ظَهَرَ أَمْرُكَ وَ غَلَبَ قَهْرُكَ وَ جَرَتْ قُدْرَتُكَ وَ لَا يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ اللَّهُمَّ لَا أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً وَ لَا لِقَبَائِحِي سَاتِراً وَ لَا لِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِيَ الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلًا غَيْرَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ تَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي وَ سَكَنْتُ إِلَى قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي وَ مَنِّكَ عَلَيَّ اللَّهُمَّ مَوْلَايَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ وَ كَمْ مِنْ فَادِحٍ مِنَ الْبَلَاءِ أَقَلْتَهُ [أَمَلْتَهُ] وَ كَمْ مِنْ عِثَارٍ وَقَيْتَهُ وَ كَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ وَ كَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلًا لَهُ نَشَرْتَهُ اللَّهُمَّ عَظُمَ بَلَائِي وَ أَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي وَ قَصُرَتْ [قَصَّرَتْ] بِي أَعْمَالِي وَ قَعَدَتْ بِي أَغْلَالِي وَ حَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ أَمَلِي [آمَالِي] وَ خَدَعَتْنِي الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا وَ نَفْسِي بِجِنَايَتِهَا [بِخِيَانَتِهَا] وَ مِطَالِي يَا سَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لَا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعَائِي سُوءُ عَمَلِي وَ فِعَالِي وَ لَا تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي وَ لَا تُعَاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا عَمِلْتُهُ فِي خَلَوَاتِي مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَ إِسَاءَتِي وَ دَوَامِ تَفْرِيطِي وَ جَهَالَتِي وَ كَثْرَةِ شَهَوَاتِي وَ غَفْلَتِي وَ كُنِ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ [فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا] رَءُوفاً وَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ
مناسك الحج و أحكام
العمرة (للسبحاني)، ص: 190
عَطُوفاً إِلَهِي وَ رَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي وَ النَّظَرَ فِي أَمْرِي إِلَهِي وَ مَوْلَايَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَى نَفْسِي وَ لَمْ أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي فَغَرَّنِي بِمَا أَهْوَى وَ أَسْعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَضَاءُ فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَى عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ [مِنْ نَقْضِ] حُدُودِكَ وَ خَالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ [الْحُجَّةُ] عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَ لَا حُجَّةَ لِي فِيمَا جَرَى عَلَيَّ فِيهِ قَضَاؤُكَ وَ أَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَ بَلَاؤُكَ وَ قَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلَهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي مُعْتَذِراً نَادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقِيلًا مُسْتَغْفِراً مُنِيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً لَا أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كَانَ مِنِّي وَ لَا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي وَ إِدْخَالِكَ إِيَّايَ فِي سَعَةِ [سَعَةٍ مِنْ] رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ [إِلَهِي] فَاقْبَلْ عُذْرِي وَ ارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي وَ فُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثَاقِي يَا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي وَ رِقَّةَ جِلْدِي وَ دِقَّةَ عَظْمِي يَا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَ ذِكْرِي وَ تَرْبِيَتِي وَ بِرِّي وَ تَغْذِيَتِي هَبْنِي لِابْتِدَاءِ كَرَمِكَ وَ سَالِفِ بِرِّكَ بِي يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ رَبِّي أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي بِنَارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ وَ بَعْدَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَ لَهِجَ بِهِ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِكَ وَ اعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ وَ بَعْدَ صِدْقِ اعْتِرَافِي وَ دُعَائِي خَاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ هَيْهَاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ أَوْ تُبْعِدَ [تُبَعِّدَ] مَنْ أَدْنَيْتَهُ أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى الْبَلَاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَ رَحِمْتَهُ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 191
وَ لَيْتَ شِعْرِي يَا سَيِّدِي وَ إِلَهِي وَ مَوْلَايَ أَ تُسَلِّطُ النَّارَ عَلَى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ سَاجِدَةً وَ عَلَى
أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صَادِقَةً وَ بِشُكْرِكَ مَادِحَةً وَ عَلَى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإِلَهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً وَ عَلَى ضَمَائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتَّى صَارَتْ خَاشِعَةً وَ عَلَى جَوَارِحَ سَعَتْ إِلَى أَوْطَانِ تَعَبُّدِكَ طَائِعَةً وَ أَشَارَتْ بِاسْتِغْفَارِكَ مُذْعِنَةً مَا هَكَذَا الظَّنُّ بِكَ وَ لَا أُخْبِرْنَا بِفَضْلِكَ عَنْكَ يَا كَرِيمُ يَا رَبِّ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَ عُقُوبَاتِهَا وَ مَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ الْمَكَارِهِ عَلَى أَهْلِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَلَاءٌ وَ مَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مَكْثُهُ يَسِيرٌ بَقَاؤُهُ قَصِيرٌ مُدَّتُهُ فَكَيْفَ احْتِمَالِي لِبَلَاءِ الْآخِرَةِ وَ جَلِيلِ [حُلُولِ] وُقُوعِ الْمَكَارِهِ فِيهَا وَ هُوَ بَلَاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ وَ يَدُومُ مَقَامُهُ وَ لَا يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ غَضَبِكَ وَ انْتِقَامِكَ وَ سَخَطِكَ وَ هَذَا مَا لَا تَقُومُ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ لِي [بِي] وَ أَنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ يَا إِلَهِي وَ رَبِّي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ لِأَيِّ الْأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو وَ لِمَا مِنْهَا أَضِجُّ وَ أَبْكِي لِأَلِيمِ الْعَذَابِ وَ شِدَّتِهِ أَمْ لِطُولِ الْبَلَاءِ وَ مُدَّتِهِ فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوبَاتِ مَعَ أَعْدَائِكَ وَ جَمَعْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَائِكَ وَ فَرَّقْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَ أَوْلِيَائِكَ فَهَبْنِي يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ رَبِّي صَبَرْتُ عَلَى عَذَابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِرَاقِكَ وَ هَبْنِي [يَا إِلَهِي] صَبَرْتُ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 192
عَلَى حَرِّ نَارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى كَرَامَتِكَ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النَّارِ وَ رَجَائِي عَفْوُكَ فَبِعِزَّتِكَ يَا سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ أُقْسِمُ صَادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً لَأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِهَا ضَجِيجَ الْآمِلِينَ [الْآلِمِينَ] وَ لَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُرَاخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَ لَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكَاءَ الْفَاقِدِينَ وَ لَأُنَادِيَنَّكَ
أَيْنَ كُنْتَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ يَا غَايَةَ آمَالِ الْعَارِفِينَ يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ يَا حَبِيبَ قُلُوبِ الصَّادِقِينَ وَ يَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ أَ فَتُرَاكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلَهِي وَ بِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فِيهَا صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ [يُسْجَنُ] فِيهَا بِمُخَالَفَتِهِ وَ ذَاقَ طَعْمَ عَذَابِهَا بِمَعْصِيَتِهِ وَ حُبِسَ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا بِجُرْمِهِ وَ جَرِيرَتِهِ وَ هُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ وَ يُنَادِيكَ بِلِسَانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ وَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ يَا مَوْلَايَ فَكَيْفَ يَبْقَى فِي الْعَذَابِ وَ هُوَ يَرْجُو مَا سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَ هُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَ رَحْمَتَكَ أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُهَا وَ أَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ تَرَى مَكَانَهُ أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُهَا وَ أَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا وَ أَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبَانِيَتُهَا وَ هُوَ يُنَادِيكَ يَا رَبَّهْ أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْهَا فَتَتْرُكُهُ [فَتَتْرُكَهُ] فِيهَا هَيْهَاتَ مَا ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ وَ لَا الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ وَ لَا مُشْبِهٌ لِمَا عَامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَ إِحْسَانِكَ فَبِالْيَقِينِ أَقْطَعُ لَوْ لَا مَا
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 193
حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جَاحِدِيكَ وَ قَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلَادِ مُعَانِدِيكَ لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّهَا بَرْداً وَ سَلَاماً وَ مَا كَانَ [كَانَتْ] لِأَحَدٍ فِيهَا مَقَرّاً وَ لَا مُقَاماً [مَقَاماً] لَكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلَأَهَا مِنَ الْكَافِرِينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَ أَنْ تُخَلِّدَ فِيهَا الْمُعَانِدِينَ وَ أَنْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً وَ تَطَوَّلْتَ بِالْإِنْعَامِ مُتَكَرِّماً أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لٰا يَسْتَوُونَ إِلَهِي وَ سَيِّدِي فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَهَا وَ بِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَهَا وَ حَكَمْتَهَا وَ غَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَهَا أَنْ تَهَبَ لِي فِي
هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ وَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَ كُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ وَ كُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ وَ كُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْبَاتِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ مَا يَكُونُ مِنِّي وَ جَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوَارِحِي وَ كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرَائِهِمْ وَ الشَّاهِدَ لِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ وَ بِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ وَ بِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ وَ أَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ [تُنْزِلُهُ] أَوْ إِحْسَانٍ فَضَّلْتَهُ [تُفَضِّلُهُ] أَوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ [تَنْشُرُهُ] أَوْ رِزْقٍ بَسَطْتَهُ [تَبْسُطُهُ] أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ أَوْ خَطَإٍ تَسْتُرُهُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا إِلَهِي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ وَ مَالِكَ رِقِّي يَا مَنْ بِيَدِهِ نَاصِيَتِي يَا عَلِيماً بِضُرِّي [بِفَقْرِي] وَ مَسْكَنَتِي يَا خَبِيراً بِفَقْرِي وَ فَاقَتِي يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَ قُدْسِكَ وَ أَعْظَمِ صِفَاتِكَ وَ أَسْمَائِكَ أَنْ تَجْعَلَ أَوْقَاتِي
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 194
مِنَ [فِي] اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً وَ بِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً وَ أَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً حَتَّى تَكُونَ أَعْمَالِي وَ أَوْرَادِي [إِرَادَتِي] كُلُّهَا وِرْداً وَاحِداً وَ حَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً يَا سَيِّدِي يَا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي يَا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوَالِي يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ قَوِّ عَلَى خِدْمَتِكَ جَوَارِحِي وَ اشْدُدْ عَلَى الْعَزِيمَةِ جَوَانِحِي وَ هَبْ لِيَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ وَ الدَّوَامَ فِي الِاتِّصَالِ بِخِدْمَتِكَ حَتَّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيَادِينِ السَّابِقِينَ وَ أُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي الْبَارِزِينَ [الْمُبَادِرِينَ] وَ أَشْتَاقَ إِلَى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتَاقِينَ وَ أَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصِينَ وَ أَخَافَكَ مَخَافَةَ الْمُوقِنِينَ وَ أَجْتَمِعَ فِي جِوَارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ وَ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ وَ مَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ وَ
اجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عَبِيدِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ وَ أَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ وَ أَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ ذَلِكَ إِلَّا بِفَضْلِكَ وَ جُدْ لِي بِجُودِكَ وَ اعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ وَ احْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ وَ اجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجاً وَ قَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً وَ مُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجَابَتِكَ وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ اغْفِرْ زَلَّتِي فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلَى عِبَادِكَ بِعِبَادَتِكَ وَ أَمَرْتَهُمْ بِدُعَائِكَ وَ ضَمِنْتَ لَهُمُ الْإِجَابَةَ فَإِلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعَائِي وَ بَلِّغْنِي مُنَايَ وَ لَا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجَائِي وَ اكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مِنْ أَعْدَائِي يَا سَرِيعَ الرِّضَا اغْفِرْ
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 195
لِمَنْ لَا يَمْلِكُ إِلَّا الدُّعَاءَ فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تَشَاءُ يَا مَنِ اسْمُهُ دَوَاءٌ وَ ذِكْرُهُ شِفَاءٌ وَ طَاعَتُهُ غِنًى ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ الرَّجَاءُ وَ سِلَاحُهُ الْبُكَاءُ يَا سَابِغَ النِّعَمِ يَا دَافِعَ النِّقَمِ يَا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ يَا عَالِماً لَا يُعَلَّمُ صَلِّ عَلَى؟ مُحَمَّدٍ؟ وَ؟ آلِ مُحَمَّدٍ؟ وَ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ الْأَئِمَّةِ الْمَيَامِينِ مِنْ آلِهِ [أَهْلِهِ] وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً [كَثِيراً]
تمت الرسالة و الحمد لله رب العالمين.
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 197
الموضوع الصفحة
المقدمة 7
الفصل الأوّل: في وجوب الحج و شرائطه 9
شرائط وجوب حجة الإسلام 10
الأوّل و الثاني: العقل و البلوغ 10
الشرط الثالث: الحرية 12
الشرط الرابع: الاستطاعة 12
الحج البذلي 16
الشرط الخامس: الرجوع إلى كفاف 18
شرائط النائب 21
الحج المستحب 25
الفصل الثاني: في أقسام الحج 27
الفصل الثالث: الإحرام لعمرة التمتّع 29
الميقات الأوّل مسجد الشجرة 29
الميقات الثاني:
وادي العقيق 31
الميقات الثالث: قرن المنازل 31
الميقات الرابع: يلملم 31
الميقات الخامس: الجحفة 32
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 198
الموضوع الصفحة الفصل الرابع: في واجبات الإحرام 37
1. نيّة الإحرام 37
2. لبس ثوبي الإحرام 39
3. التلبية 41
مستحبات الإحرام 43
مكروهات الإحرام 45
الفصل الخامس: في محرّمات الإحرام 47
1. صيد البر الوحشي 47
2. التلذّذ بالنساء 48
3. عقد النكاح 50
4. الاستمناء 51
5. استعمال الطّيب 52
6. لبس المخيط للرجال 54
7. الاكتحال 55
8. النظر في المرآة 56
9. تغطية ظهر القدم 57
10. الفسوق 57
11. الجدال 57
12. قتل هوامّ الجسد 58
13. التزيّن 59
14. الإدّهان 60
15. إزالة الشعر عن البدن 61
16. تغطية الرأس للرجال 62
17. تغطية المرأة وجهها 64
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 199
الموضوع الصفحة 18. التظليل للرجال 64
19. إخراج الدم من البدن 66
20. تقليم الأظفار 66
21. قلع الضرس 67
22. قلع شجر الحرم و نبته 67
23. حمل السلاح 68
محل ذبح الكفارة 68
الفصل السادس: عمرة التمتع و أعمالها 69
الأوّل: الإحرام 69
الثاني: الطواف 69
واجبات الطواف 71
1. النيّة 71
2. الطهارة من الحدث الأصغر و الأكبر 71
3. طهارة البدن و الثوب 74
4. الختان (للذكور) 75
5. ستر العورة 76
كيفية الطواف 77
1 و 2. البدء و الختم بالحجر الأسود 77
3. أن تكون الكعبة على يسار الطائف 78
4. إدخال حجر إسماعيل في الطواف 80
5. الطواف بين البيت و مقام إبراهيم 82
6. مراعاة عدد الأشواط 84
أحكام النساء 92
الثالث:
ركعتا الطواف 95
مناسك الحج و أحكام العمرة (للسبحاني)، ص: 200
الموضوع الصفحة
الطواف المستحب 98
الرابع: السعي بين الصفا و المروة 99
الخامس: التقصير 106
الفصل السابع: في واجبات الحج 109
1. الإحرام من مكة 110
2. الوقوف بعرفات 112
3. الوقوف بالمزدلفة 114
4. رمي جمرة العقبة 116
5. الذبح أو النحر في منى 120
مكان الذبح 123
مصرف الهدي 126
6. الحلق أو التقصير 127
الفصل الثامن: أعمال المسجد الحرام 131
الفصل التاسع: المبيت في منى 135
الفصل العاشر: في العمرة المفردة 141
الفصل الحادي عشر: في حجّي الإفراد و القران 145
الفصل الثاني عشر: مسائل متفرقة 149
خاتمة: في مستحبات الحج و أدعيته 155
1. آداب دخول مكّة و المسجد الحرام 156
2. مستحبات الطواف و ادعيته 157
3. مستحبات صلاة الطواف 161
4. مستحبات السعي 162
5. دعاء الإمام الحسين عليه السّلام في يوم عرفة 168
6. دعاء كميل بن زياد رحمه اللّه 188